الكتاب وعاء الثقافة
الكتاب وعاء الثقافة
الكتاب هو أهم جهاز من أجهزة الثقافة وأعمقها أثرًا، ويُعدُّ الوسيلة الأولى للتثقيف في العالم كله، فهو مستودع الثقافة ووعاؤها، ورغم تطوُّر العالم وتعدُّد وسائل الثقافة، وظهور أول المنافسين للكتاب من الصحف والمجلات وأجهزة الثقافة الأخرى؛ فإنه لا يزال يحتل الصدارة بينها، وتطوُّر العالم الحديث يشير إلى أن الكتاب رغم تعدُّد المنافسين له سيعود إلى الصدارة بين أجهزة الثقافة المختلفة، وذلك لعدة أسباب منها: أنَّ شعوب العالم كلها قد أدركت خطر الأمية، وأخذت تحاربها، فهي أساس لكلِّ نهوض صحي ومادي واجتماعي.
كما أن الخط الفاصل بين العمل العقلي والعمل الجسمي قد أخذ في الزوال، لأن العلم الآن أصبح يغزو كل الميادين حتى ليتوقَّع العالم أن تنمحي في المستقبل القريب كلُّ ضرورة للمجهود العضلي وتحلُّ محله الآلات، التي لا تحتاج في إدارتها إلى مجهود ذهني وعصبي، بل تحتاج إلى معرفة سابقة وتدريب وثقافة علمية كافية، وكلُّ هذا لن يقدِّمه إلَّا الكتاب، وذلك إذا ذللنا كل العقبات التي تعوق انتشار الكتب والإقبال على قراءتها، فجميع شعوب العالم اشتراكيةً كانت أم رأسمالية، تتطوَّر نحو تخفيض ساعات العمل اليومي والإقلال من المجهود العضلي أو العصبي أو الذهني الذي يبذله العمال، مما يؤدي إلى أنَّ العامل سوف يتوافر لديه الطاقة والمزيد من الوقت، وسوف يُقدِم على قراءة الكتب والاستفادة منها، وبخاصةٍ عندما يدرك أنَّ الثقافة التي سيحصِّلها من الكتب قد أصبحت ضرورةَ حياة، ووسيلة عيش، ودفاعًا عن حقوقه، ولم تَعُد ترفًا يمكن الاستغناء عنه، ومكَّنت له الدولة طريق طبْع الكتب ونشْرِها وتوزيعها بأثمان مدعمة في متناوله.
وتُعدُّ الكتب، وستظل أبدًا، مناجم المعرفة والثقافة التي تُلهم كل الأجهزة الأخرى،كالإذاعة مثلًا التي تستمد الكثير من برامجها مما هو مكتوب في الكتب أو الصحف أو المجلات، التي تنقُل عنها المعارف والأخبار والتعليقات، بل والمقالات أحيانًا كثيرة، وما ينبغي أن تظلَّ الشعوب محرومة من منابع المعرفة والثقافة الأصلية.
الفكرة من كتاب الثقافة وأجهزتها
تنوَّعت وسائل الثقافة وأصبحت متاحة في المتناول، وبفضل التقدم العلمي تعدَّدت سُّبُلِ تحصيلِ الثقافةِ، وأصبحنا نملك عدة أجهزة جديدة للثقافة..ش
يوضح المؤلف في هذا الكتاب جدوى أجهزة الثقافة الخمسة في عصره، وهي: الكتاب المطبوع والصحف والمسرح والسينما والإذاعة، ويعرِّفنا بما تقدِّمه هذه الأجهزة المختلفة ووسيلة الاستفادة منها وكيفية استخدامها بطريقة نافعة تساعد على النهوض بفكر الإنسان وثقافته والمجتمع.
مؤلف كتاب الثقافة وأجهزتها
محمد مندور: أديبٌ وكاتب مصري وواحدٌ من أهمِّ النقَّادِ المُجدِّدينَ في الأدبِ العربي الحديث، حصلَ على ليسانس الآدابِ، ثم ليسانس الحقوقِ، وبعدَها سافرَ في بعثةٍ دراسيةٍ إلى فرنسا، وحصل هناك على ليسانس من السوربون في الآداب واللغات اليونانية القديمة واللاتينية والفرنسية والأدب المقارن، بالإضافة إلى الليسانس حصل من هناك على دبلوم في القانون والاقتصاد السياسي والتشريع المالي، ثم الدكتوراه في الأدب العربي.
ترجَمَ العديد من الأعمال الغربية: منها رواياتِ «فلوبير» و«ألفريد دي موسيه»، و«تاريخ إعلان حقوق الإنسان»، وله العديد من المؤلفات في الأدب والنقد، ومن مؤلفاته: «نماذج بشرية» و«النقدُ المنهجيُّ عندَ العَرب» و«في النقدِ والأدب».