مسؤولية الآباء
مسؤولية الآباء
إن طريقة الوالدين في التربية لها أثر مباشر وشديد في شخصية الطفل، وتسمى في علم النفس بـ”الاتجاهات الوالدية”، ومنها: الاتجاه المتسلِّط الذي يتدخَّل فيه الوالدان في كل تفاصيل الطفل: نومه ومأكله ولعبه، وما ينبغي أن يحب أو يكره بشكل يلغي شخصية الطفل تمامًا، هذا الطفل قد ينشأ لديه استعداد كبير للإصابة بالأمراض النفسية، واتجاه القسوة والإفراط في العقاب البدني والنفسي بغلظة، الذي قد ينجح في ضبط سلوك الطفل ظاهريًّا إلا أنه ينشأ خائفًا متردِّدًا ضعيف الثقة، ومليئًا بالكراهية لمن هم أكبر منه وفي موضع قوة بالنسبة إليه.
واتجاه الحماية الزائدة الذي يبالغ فيه الآباء في حماية أبنائهم والقيام بكل شؤونهم وواجباتهم الحياتية، هذا الاتجاه يجعل الطفل ضعيف الثقة بالنفس ولديه شعور بالفشل، ومثله اتجاه التدليل المفرط الذي يجعل الطفل هشًّا نفسيًّا لا يستطيع الصمود أمام أي مشكلات تواجهه.
أما اتجاه النبذ والإهمال وترك الطفل دون عناية أو متابعة فلا يُثاب إن أحسن ولا حتى يُعاقب إن أساء، فتتكوَّن لديه صور متناقضة من القلق والعدوان والرغبة في الانتقام، ويكون بعض الآباء متذبذبين متقلِّبين بين الشدة واللين، فقد يعاقب الطفل على تصرُّف ويُثاب عليه نفسه في مرة أخرى، ما يجعل الطفل غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ، وقد يميِّز بعض الآباء بين أبنائهم ما يجعل بينهم غيرةً وكراهيةً ورغبةً في الانتقام وعدم اهتمام بالآخرين.
وبين كل هذه النماذج السلبية الضارة بنفسية الطفل يجب على الآباء اتباع اتجاه السواء والاعتدال في تربية الطفل وإعداد شخصيته على نحو تربوي سليم ينمِّي قدراته، وهذا هو الاتجاه الذي يأمرنا به ديننا ونستمدُّه من هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) ومنهاج رحمته، وهو القائل للأب الذي لا يقبِّل أبناءه “من لا يرحم لا يُرحم”.
الفكرة من كتاب طفلك ومشكلاته النفسية
إن مرحلة الطفولة هي أساس بناء تكوين الإنسان ونموِّه، وعند دراسة أي مشكلة لدى الطفل علينا النظر أولًا إلى الدوافع والمسبِّبات من ورائها، ومن ثم طرق العلاج لهذه الأسباب، وينبغي مراعاة اختلاف الأطفال بعضهم عن بعض، فلكلِّ طفل بيئة مختلفة وظروف مختلفة وشخصية مختلفة أيضًا، فالمشكلة نفسها التي تظهر لدى طفلين قد تختلف اختلافًا كليًّا في الدوافع التي أدَّت إليها، ومن ثم في طريقة العلاج، وعلينا ألا نخلط بين المشكلة النفسية والمرض النفسي، فالمشكلة عارضة وسرعان ما تزول إذا لم تهمل والتزم المربي بمبادئ العلاج التربوي والديني والاجتماعي والنفسي، أما المرض النفسي فهو حالة مزمنة تحتاج إلى متخصِّصي علاج نفسي.
في هذا الكتاب يعرض المؤلف عدة مشكلات نفسية للأطفال كالكذب والخجل والعدوان، وأسبابها وطرق الوقاية والعلاج.
مؤلف كتاب طفلك ومشكلاته النفسية
أحمد علي بديوي: كاتب وطبيب مصري، وأستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة حلوان.
من مؤلفاته: “الثواب والعقاب وأثره في تربية الأولاد”، والكتاب الذي بين أيدينا، والكتابان ضمن سلسلة سفير التربوية.