التنشئة الاجتماعية
التنشئة الاجتماعية
يمكن وصف التنشئة الاجتماعية بأنها توجيه الأفراد من منطقة ما هو كائن إلى منطقة ما يجب أن يكون، فهي تتمثل في غرس معايير وقيم وأفكار المجتمع في الأفراد، وعلى ذلك تعد إحدى الأدوات المهمة التي تحدِّد بصورة كبيرة النسق الزمني للموروثات القديمة وامتدادها إلى المستقبل، وهي في جوهرها عملية تعلم بطيء سواء كان تعليمًا مباشرًا أم غير ذلك عبر استهداف العقل اللاواعي للفرد وتشكيله وفق القالب المجتمعي السائد.
وتتمايز عملية التنشئة تلك إلى مرحلتين أساسيتين؛ الأولى تتعلق بالطور الابتدائي للفرد وهي الفترة الممتدة من الولادة إلى آخر مرحلة الطفولة، فهي الأكثر أهمية حيث تُشكِّل رافدًا لمجموعة من القواعد والمعالم والصفات النفسية تعد الأساس الذي يحدِّد على نحو كبير المسار الاجتماعي وطريقة تفاعل الفرد مع المجتمع المحيط بعدما يتخطَّى مرحلة اضطراب المراهقة، أما التنشئة الثانوية فهي المرحلة الأساسية الثانية التي تبدأ مع انتهاء طور الطفولة وهي لا تفارق الإنسان طوال مساره الاجتماعي حتى مماته، ونتيجة للخبرات والتجارب الحياتية تتم باستمرار عملية إعادة هيكلة طرق التفكير والتعاطي مع معطيات الواقع، ومن ثم تنشأ بعض التغيرات على قالب العلاقات الاجتماعية للفرد.
ونجد أن أي عملية للتنشئة الاجتماعية من شأنها أن تشتمل على عقوبات تقويم لبعض السلوكيات وإعادتها مرة أخرى إلى النسق الاجتماعي العام، فالتماسك المجتمعي حينها يوضع على المحك، ولذلك يمكن القول إن عملية التنشئة تلك تمثل عاملًا مهمًّا في ظاهرة التفسُّخ أو الترابط المجتمعي، ولكن ثمة ملاحظة مهمة هي أن تلقين القواعد الاجتماعية لا يتم عبر الأساليب التقليدية ولكن يتم طبعها بالممارسة الحية، فالأسرة وهي المعلم الأول للطفل تحدِّد هويته الرئيسة عبر العديد من التفاعلات اليومية المتبادلة، بيد أن لوحة التنشئة الاجتماعية لم تعد حكرًا على الأسرة، فاليوم يتسابق العديد من الأيادي الأخرى لرسمها منها المدرسة والبيئة والأصدقاء والإعلام وغيرها، لذلك لا تمر التنشئة الاجتماعية عادةً دون صدامات نتيجة القواعد المتضاربة بين كل تلك العوامل المختلفة.
الفكرة من كتاب الدروس الأولى في علم الاجتماع
يطوف بنا هذا الكتاب في دراسة العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وكيف تتشكَّل الشخصية الجمعية المميزة لكل جماعة عن غيرها، كما يلمس أهم المواضيع الاجتماعية المعاصرة كالثقافة والتنشئة الاجتماعية، والسلطة السياسية وما يتعلَّق بصناعة الرأي العام وكيف يتشكَّل، إلى غير ذلك من القضايا المهمة.
مؤلف كتاب الدروس الأولى في علم الاجتماع
فيليب ريتور: أستاذ وباحث بعدة جامعات ومعاهد فرنسية، له العديد من الكتب والدراسات في علم الاجتماع، لا سيما الكتب التي تُعرَف بفرع السوسيولوجيا، وعُرِف الكاتب أكثر بانشغاله حول سوسيولوجيا التواصل السياسي.
له كتابان: الدروس الأولى في علم الاجتماع، وسوسيولوجيا التواصل السياسي.