مستقبليات يوتوبية تكنولوجية أم متمحورة حول الإنسان؟
مستقبليات يوتوبية تكنولوجية أم متمحورة حول الإنسان؟
يطرح تطوُّر صناعة الروبوت تساؤلات خطيرة؛ أيهما أولى: تعزيز قدرات البشر بالتكنولوجيا أم جعل الروبوتات أكثر ذكاءً من البشر؟ هل الأفضل أن يعتني الإنسان بالتكنولوجيا وتطويرها أم يركِّز على التغيُّرات الاجتماعية والثقافية المحيطة بالإنسان؟ هذه ليست أسئلة في الفراغ، فالإجابة عنها تحدِّد ما الذي سيُفعَل الآن وإلى أين ستُوجَّه الجهود؟ وعلى ماذا ستُنفَق الأموال؟
لدينا إذن صورتان مستقبليتان؛ الأولى يُطلق عليها “التحوُّلية الارتقائية” وهي تسعى إلى تحسين الظروف التي يعيش فيها البشر على هذا الكوكب، عن طريق التعليم والتنوُّع الثقافي وتكافؤ أكبر في الاقتصاد والموارد، واحترام أجيال المستقبل، والصورة الثانية يُطلق عليها “المستقبليات اليوتوبية التكنولوجية”، وهو مذهب علمي محض يسعى إلى تطوير البشرية لخلق بشر تكنولوجيين في المستقبل، بل لدى بعض اليوتوبيين التكنولوجيين أحلام متطرِّفة بترك كوكب الأرض، وبناء جنة تكنولوجية على سطح المريخ تيمُّنًا بتوقُّعات علماء الفضاء باحتمالية وجود حياة محتملة هناك!
ويظهر الهوس بالتطوُّر التكنولوجي جليًّا في أيامنا هذه؛ يظهر في حالة إدمان المكوث لساعات طوال أمام الحاسب الآلي والهواتف المحمولة، مما أدَّى إلى ظهور اضطرابات نفسية نتيجة “الإدمان الرقمي” وإدمان التواصل الإلكتروني بدلًا من التواصل البشري، وهذه الاضطرابات تصل في بعض الأحيان إلى الإصابة بالاكتئاب والضغط النفسي.
إن البشر اليوم لديهم خياران للتقدم نحو المستقبل، إما مواصلة الاستثمار بقوة في الأحلام التكنولوجية اليوتوبية لخلق آلات تعمل أفضل من البشر، وإما تطوير الوعي البشري واستثمار الموارد المتاحة لتطوير مستقبل رحب للبشرية جمعاء.
الفكرة من كتاب المستقبل: مقدِّمة وجيزة
تتعالى الأصوات بين الحين والآخر محذِّرة من الأخطار التي يحملها المستقبل كأزمات المناخ وتناقص مصادر الطاقة، إلا أن ثمة رأيًا آخر يرى أن المستقبل المظلم ليس حتميًّا، وأن الإنسان لديه قدرة على التدخُّل بطريقة إيجابية في الحاضر، مما يجعله يتلافى كوارث المستقبل!
يهدف هذا الكتاب إلى إبراز الأبعاد المختلفة لحقل الدراسات المستقبلية، الذي يعدُّ حقلًا أكاديميًّا عابرًا للتخصُّصات، فوعي الإنسان بأهمية استشراف ما سيحدث في المستقبل أدَّى إلى ظهور مقاربات متعدِّدة ومتنوِّعة يسهم فيها آلاف الأساتذة والباحثين والممارسين والطلاب من ثقافات شتى.
مؤلفة كتاب المستقبل: مقدِّمة وجيزة
جنيفر جيدلي: باحثة أسترالية في الدراسات المستقبلية وعلم النفس، وهي أستاذ مساعد في معهد المستقبليات المستدامة في سيدني، ورئيسة الاتحاد العالمي لدراسات المستقبليات.
صدر لها كتب عدة منها: “التعليم ما بعد الرسمي: فلسفة من أجل مستقبليات معقَّدة” و”سر نمو الأطفال المتفوقين”.