هل القيادة فطرية أم مكتسبة؟
هل القيادة فطرية أم مكتسبة؟
قد يتساءل سائل: هل تعدُّ القيادة من الأمور الفطرية أم المكتسبة؟ ليس لدينا معلومات كافية للجزم بإحدى الإجابتين، لكن بإمكاننا توسيع نطاق الإجابة، فبدلًا من حصرها في الفطرة أو الاكتساب نضيف الجماعة والفرد، فربما يولد الشخص بغير استعداد فطري للقيادة كشخص عادي ولكنه يتحول إلى استثنائي جراء بعض التجارب التي عاشها، وهذا يتطلَّب البحث في أربعة نماذج، أولًها القادة بالفطرة، فقد أصر توماس كارليل على أن القادة (الحقيقيين) -الأبطال- يولدون ولا يُصنعون، فهم لا يظهرون بسبب تأثير الثقافة المحيطة بهم أو التعليم، بل بسبب موهبتهم الخام (الفطرية) بجانب امتلاكهم إرادة السلطة، أي إنهم ولدوا ليكونوا قادة،كالنبي محمد (عليه الصلاة والسلام) ومارتن لوثر ونابليون، وربما من المنصف أن نعتبر جوهر تاريخ العالم بأكمله هو تاريخ هؤلاء العظماء.
ولكن في الحقيقة أساس هذه النظرة (وهو الوراثة) من الصعب جعله مقياسًا، فمن غير الممكن تقييم الناس قبل أن يتأثروا بطريقة نشأتهم، كما أن هذا ينفي عنا حرية الاختيار ويخلط بين الطبيعة البشرية والحيوانية لكون القيادة ثابتة عند الحيوانات وتميل إلى الاقتصار على من يقعون في قمة الهرم والأكثر وحشية، والنموذج الثاني هو الهواة المثقفون (الأثينيون)، وهم في نفس المستوى الفردي لكنهم أقرب إلى التطبُّع منهم إلى الطبيعة، إذ يشير هذا النموذج إلى القادة الذين تولَّوا مواقع قيادية بسبب مكانة أسرهم الاجتماعية العالية.
بالإضافة إلى تلقي تعليم حر في الآداب والفنون مدعومًا بتربية بدنية لبناء الشخصية، فكانوا يعتبرون أنفسهم هواة مثقفين لأنهم لم يكونوا نتيجة نظام تعليم عادي، بل كانوا جنودًا محترفين، والنموذج الثالث الإسبرطيون (المنظمون)، وهو أسلوب جماعي أقرب إلى الطبيعة، ووحشي حيث كانت تحشد قوتهم لمصلحة المجتمع، وتعزَّز في إطار عملٍ جماعي، بالإضافة إلى تدريبهم على الطاعة وغرس الولاء للدولة فيهم، والنموذج الأخير الكالخسيون (مجتمع الممارسة)، وهو نموذج جماعي لممارسة القيادة بالتطبُّع، يجمع بين توجه جماعي وفلسفة تنشئة، حيث اقترحوا أن القادة غير عالمين بكل شيء ولا قادرين على كل شيء، لذا يجب أن توزع القيادة على المؤسسة بأكملها، فالمعرفة تجمع وتترجم لممارسة اجتماعية، حيث يوجد التزام متبادل من المشاركين لتطوير المجتمع إلى مجتمع ممارسة.
الفكرة من كتاب القيادة: مقدمة قصيرة جدًّا
لم تتفق المؤلفات على تعريفاتٍ ورؤى محددة للقيادة على كثرتها، ويحاول الكاتب هنا النظر إلى القيادة من عدة زوايا، ومعرفة تاريخها، وهل هي مكتسبة أم فطرية؟ ليقدم بهذا مدخلًا نظريًّا مفيدًا للقيادة وأنواعها.
مؤلف كتاب القيادة: مقدمة قصيرة جدًّا
كيث جرينت Keith Grint: أستاذ القيادة العامة والإدارة بجامعة وارويك، وعمل قبلها أستاذًا في مجال قيادة الدفاع بجامعة كرانفيلد ووكيلًا لقسم القيادة والإدارة في جامعة ديفنس للإدارة والتكنولوجيا بأكاديمية الدفاع في شريفنهام.
له العديد من الكتب والمؤلفات، أبرزها:
القيادة التنظيمية.
سوسيولوجيا العمل.
القيادة: حدود واحتمالات.