من إسلامه إلى عهد الخلافة
من إسلامه إلى عهد الخلافة
أسلم عثمان على يد أبي بكر (رضي الله عنهما) بعد أن شرح له قواعد الإسلام، فما لبث أن شهد الشهادتين وزوَّجه النبي بعدها ابنته رقية، وهو من أسرة بينها وبين عشيرة النبي عصبية وكراهية شديدة، ورغم ذلك كان من السابقين إلى الإسلام، الأمر الذي يجعل عثمان عند إيمانه مع المسلمين الأوائل وهم معدودون أعلاهم فضلًا، وقد أوذي النبي من بني أمية أذًى شديدًا ولم يدخل منهم في الإسلام أحد قبل عثمان الذي عذَّبه عمه الحكم عذابًا شديدًا عند إسلامه، مقسمًا ألا يدعه حتى يعود عما هو فيه إلا أنه يئس منه في آخر الأمر فتركه.
كان بين إسلام عثمان وتوليه الخلافة بضعة وثلاثون عامًا، شهد فيها أعمال تأسيس الدولة الإسلامية في عهد النبوة والخليفتين من بعده، وكانت مصاهرته للنبي ًﷺ سببًا في أن يشهد أخبار النبوة الخاصة والعامة.
تزوَّج رقية ابنة الرسول وهاجر معها إلى الحبشة وكان أول المهاجرين، ثم هاجرا إلى المدينة ومرضت بالحصبة وأذن له الرسول في البقاء معها متخلفًا عن غزوة بدر، وماتت (رضي الله عنها) قبل عودة جيش المسلمين من الغزوة، وحزن لانقطاع صهره عن النبي فزوجه الرسول ابنته أم كلثوم، ويقال إن هذا سبب تلقيبه بذي النورين، ولا يُعلم أحد تزوج ابنتَي نبي غير عثمان (رضي الله عنه).
وقد لزم الرسول حيث فلم يفارقه إلا لهجرة أو بعثة بإذن منه ًﷺ، وقد أوكل بتجارته غيره وجعل بيته بمثابة بيت مال للمسلمين قبل تأسيس بيت المال.
الفكرة من كتاب ذو النورين عثمان بن عفان
إن تاريخ العقيدة هو تاريخ قيم ومبادئ وليس تاريخ أحداث، فالأحداث ربما نجد ما يماثلها كثيرًا على مدى التاريخ، أما المختلف فهو بواعث تلك الأحداث، واللافت في سيرة عثمان (رضي الله عنه) أمرين؛ الأول أنها كانت مرحلة تحوُّل ما بين الخلافة الراشدة والملكية، والثاني هو قتله (رضي الله عنه) بوحشية بيد مسلمة لا دخيلة على الإسلام.
والخلاف ليس هو المستغرَب، إذ إن دور العقيدة ليس أن تبطل خلافًا أو تكفَّ نزاعًا، وإنما هي تترفَّع بالناس عن النزاع في ما لا يستحق، وليست هناك صدمة إن نحن نظرنا إلى الأمر من منظور القيم وأيقنَّا أن الحوادث لا بدَّ أن تقع، فهناك نزاع على محاسبة الإمام نفسه ورعيته ومحاسبة الرعية لإمامهم بعد زمن كان فيه زعماء القبائل يطغون ويتجبَّرون ويشرعون لأهوائهم ولا يكون فيه عزة أحدهم إلا بإذلال غيره.. يأخذنا العقاد عبر رحلة في سيرة عثمان (رضي الله عنه) الذي يصفه بأنه: “ذو النورين: نور اليقين ونور الأريحية والخلق الأمين”.
مؤلف كتاب ذو النورين عثمان بن عفان
عبَّاس محمود العقَّاد: أديب وشاعر وناقد أدبي، كما أنَّهُ فيلسوف وسياسي وصحفي، ومُؤرِّخ، ولد في مصر عام 1889م وتوفي عام 1964م، حاصل على الشهادة الابتدائية فقط، أحد مؤسسي مدرسة الديوان التي عُنيت بالنَّقد في العصر الحديث، كما أنشأ صالونًا أدبيًّا في بيته، كتب أكثر من ثمانين كتابًا بين الكتب الدينية الفكرية وكتب السير والكتب الأدبية والدواوين الشعرية، ومن أبرز مؤلفاته: سلسلة العبقريات، التفكير فريضة إسلامية، المرأة في القرآن، أفيون الشعوب، وديوان شعر “عابر سبيل”.