شخصية عثمان
شخصية عثمان
وُصِف عثمان ممن عاصروه أنه كان جميلًا حييًّا، عذب الروح محبوبًا بين الناس، ومعروفًا بحسن الخلق حتى كان يضرب به المثل في حب قريش له.
وكان الصحابة يتنافسون فيما بينهم تنافسًا كريمًا لغيرتهم على العقيدة، فكانت فضيلة عثمان بين الصحابة هي سخاؤه عندما شقَّ السخاء على الأثرياء غيره، وهاجر إلى الحبشة وهو يعلم إمكانية أن يفقد كل ماله فيها، وكان حاضرًا في كل احتياج للمسلمين في قحط أو نقص سلاح وعتاد، فاشترى بئرًا لسقيا المسلمين، وتكفَّل بثلث مال تجهيز غزوة تبوك وجاء بألف دينار في كمه ونثرها في حجر الرسول ًﷺ، واشترى أرضًا لتوسعة المسجد بعشرين ألف دينار.
يقول ابن العباس: “قد أصاب الناس في عهد أبي بكر القحط فقال لهم: لا تمسون حتى يفرجها الله، فأتى لعثمان ألف راحلة من تجارته في ذلك اليوم فأقبل التجار عليه، فقال لهم كم تربحونني فقالوا العشرة بأربعة عشر فقال قد زادوني، فقالوا العشرة بخمسة عشر، قال قد زادوني، قالوا من زادك ونحن تجار المدينة، قال زادوني بكل درهم عشرة، هل عندكم زيادة؟ قالوا لا، قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة”، والقائلون بضعف عثمان (رضي الله عنه) إنما لجهلهم بالقوة التي تتطلبَّها تلك السماحة في طبعه، فإسلام عثمان كان قوة وتحديًا لعشيرته كلها.
الفكرة من كتاب ذو النورين عثمان بن عفان
إن تاريخ العقيدة هو تاريخ قيم ومبادئ وليس تاريخ أحداث، فالأحداث ربما نجد ما يماثلها كثيرًا على مدى التاريخ، أما المختلف فهو بواعث تلك الأحداث، واللافت في سيرة عثمان (رضي الله عنه) أمرين؛ الأول أنها كانت مرحلة تحوُّل ما بين الخلافة الراشدة والملكية، والثاني هو قتله (رضي الله عنه) بوحشية بيد مسلمة لا دخيلة على الإسلام.
والخلاف ليس هو المستغرَب، إذ إن دور العقيدة ليس أن تبطل خلافًا أو تكفَّ نزاعًا، وإنما هي تترفَّع بالناس عن النزاع في ما لا يستحق، وليست هناك صدمة إن نحن نظرنا إلى الأمر من منظور القيم وأيقنَّا أن الحوادث لا بدَّ أن تقع، فهناك نزاع على محاسبة الإمام نفسه ورعيته ومحاسبة الرعية لإمامهم بعد زمن كان فيه زعماء القبائل يطغون ويتجبَّرون ويشرعون لأهوائهم ولا يكون فيه عزة أحدهم إلا بإذلال غيره.. يأخذنا العقاد عبر رحلة في سيرة عثمان (رضي الله عنه) الذي يصفه بأنه: “ذو النورين: نور اليقين ونور الأريحية والخلق الأمين”.
مؤلف كتاب ذو النورين عثمان بن عفان
عبَّاس محمود العقَّاد: أديب وشاعر وناقد أدبي، كما أنَّهُ فيلسوف وسياسي وصحفي، ومُؤرِّخ، ولد في مصر عام 1889م وتوفي عام 1964م، حاصل على الشهادة الابتدائية فقط، أحد مؤسسي مدرسة الديوان التي عُنيت بالنَّقد في العصر الحديث، كما أنشأ صالونًا أدبيًّا في بيته، كتب أكثر من ثمانين كتابًا بين الكتب الدينية الفكرية وكتب السير والكتب الأدبية والدواوين الشعرية، ومن أبرز مؤلفاته: سلسلة العبقريات، التفكير فريضة إسلامية، المرأة في القرآن، أفيون الشعوب، وديوان شعر “عابر سبيل”.