نشأة عثمان وثقافته
نشأة عثمان وثقافته
ولد عثمان رضي الله عنه في الطائف بعد عام الفيل بستة أعوام، وعاش حياة رغدة هانئة فلم يختبر خشونة العيش على مدى حياته،كان أبوه تاجرًا واسع التجارة، توفي في رحلة تجارية عن ثروة هائلة وكان عثمان حينها بين الشباب والصبا.
نشأ في أسرة أموية تنتمي إلى أمية جده لأبيه، وكان التبني والعصبية الشديدة شائعين في تلك الأسرة بما يفوق كل الأسر الكبيرة في الجاهلية، وكان بين أمية وهاشم نزاع وتنافر امتدَّ حتى أيام دعوة النبي ﷺ، وكان هناك اختلاف كبير ظاهر بين أخلاق العشيرتين، فكان بنو هاشم أعلى خلقًا وأقرب إلى الخلق الديني والمروءة والشرف، في حين كان بنو أمية أقرب إلى أخلاق المادية الدنيوية.
أما عن ثقافة عثمان فكان على علم بمعارف العرب مثل الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، وانتقل بين الشام والحبشة واختلط بغير العرب فعرف من أحوالهم الكثير، وعرف بعضًا من معارف الأدلَّاء من أبناء الصحراء مثل الأنواء والرياح ومطالع النجوم.
أما بعد إسلامه فكان من أفقه المسلمين في أحكام الدين، وأحفظهم للقرآن والسنة، روى قرابة مائة وخمسين حديثًا عن النبي ًﷺ، وقال فيه ابن سيرين إنه كان أعلم الصحابة بالمناسك، وكان يجيد الكتابة والقراءة فاعتمد عليه الرسول ًﷺ في تدوين الوحي، وكذلك أبو بكر (رضي الله عنه) في كتابة الوثائق، قال فيه عبد الرحمن بن حاطب: “ما رأيت أحدًا من أصحاب رسول الله كان إذا حدث أتم حديثًا ولا أحسن من عثمان بن عفان إلا أنه كان رجلًا يهاب الحديث”.
الفكرة من كتاب ذو النورين عثمان بن عفان
إن تاريخ العقيدة هو تاريخ قيم ومبادئ وليس تاريخ أحداث، فالأحداث ربما نجد ما يماثلها كثيرًا على مدى التاريخ، أما المختلف فهو بواعث تلك الأحداث، واللافت في سيرة عثمان (رضي الله عنه) أمرين؛ الأول أنها كانت مرحلة تحوُّل ما بين الخلافة الراشدة والملكية، والثاني هو قتله (رضي الله عنه) بوحشية بيد مسلمة لا دخيلة على الإسلام.
والخلاف ليس هو المستغرَب، إذ إن دور العقيدة ليس أن تبطل خلافًا أو تكفَّ نزاعًا، وإنما هي تترفَّع بالناس عن النزاع في ما لا يستحق، وليست هناك صدمة إن نحن نظرنا إلى الأمر من منظور القيم وأيقنَّا أن الحوادث لا بدَّ أن تقع، فهناك نزاع على محاسبة الإمام نفسه ورعيته ومحاسبة الرعية لإمامهم بعد زمن كان فيه زعماء القبائل يطغون ويتجبَّرون ويشرعون لأهوائهم ولا يكون فيه عزة أحدهم إلا بإذلال غيره.. يأخذنا العقاد عبر رحلة في سيرة عثمان (رضي الله عنه) الذي يصفه بأنه: “ذو النورين: نور اليقين ونور الأريحية والخلق الأمين”.
مؤلف كتاب ذو النورين عثمان بن عفان
عبَّاس محمود العقَّاد: أديب وشاعر وناقد أدبي، كما أنَّهُ فيلسوف وسياسي وصحفي، ومُؤرِّخ، ولد في مصر عام 1889م وتوفي عام 1964م، حاصل على الشهادة الابتدائية فقط، أحد مؤسسي مدرسة الديوان التي عُنيت بالنَّقد في العصر الحديث، كما أنشأ صالونًا أدبيًّا في بيته، كتب أكثر من ثمانين كتابًا بين الكتب الدينية الفكرية وكتب السير والكتب الأدبية والدواوين الشعرية، ومن أبرز مؤلفاته: سلسلة العبقريات، التفكير فريضة إسلامية، المرأة في القرآن، أفيون الشعوب، وديوان شعر “عابر سبيل”.