فكرة الصراع في تكوين الشخصية الإسرائيلية
فكرة الصراع في تكوين الشخصية الإسرائيلية
اصطبغت الشخصية اليهودية بالتعصُّب العنصري والانعزالية الاجتماعية، وكان نتيجة ذلك بل وأحد أهم أسبابه تأصُّل فكرة الصراع كإحدى الركائز في التكوين النفسي لليهود، فهم لا يتوحَّدون ولا ينسون خلافاتهم إلا بالدخول في مواجهة مع صراع خارجي، فلا بدَّ لهم إذًا من عدو، لذا لا يألون جهدًا في إثارة الحرائق والفتن والقلاقل العدائية هنا وهناك.
ومما يذكي نعرة الصراع تلك ويعد أبرز جذورها، ذلك الموروث العقدي الممتلئ بالقصص التي تحكي صراعًا بصورة أو بأخرى، كقصص يعقوب وصراعه مع الإله، وجيش يوشع بن نون وصراع داوود مع جالوت الذي جاء وصفه مهولًا في العهد القديم وتم قتله على يد داوود ذلك الفتى الصغير في ذلك الوقت، ومغامرات شمشون وملحمة أبناء النور ضد أبناء الظلام التي تشير بصورة أو بأخرى إلى عقيدة المخلص الذي سينصر اليهود “أبناء النور” على شعوب الأرض “أبناء الظلام”، ولذا حاول اليهود في أثناء نشأة دولتهم المزعومة على أرض فلسطين تحويل هذا الزخم من الصراع المعبأ ناحية العرب والمسلمين وألبسوه ثوبًا عقائديًّا مُرقعًا حينما تعلَّقوا ببعض النصوص الدينية التي تنظر إلى غير اليهود “الجوييم” بأنهم في مرتبة أحط من البشر، وأنهم ما خُلِقوا إلا لخدمة اليهود، لذلك يأنفون من مجاورتهم والاختلاط بهم، ولا يعترفون لهم بأية حقوق أو حتى شرعية استقلال.
وبتأمُّل الواقع المعاصر نجد أن فكرة الصراع مع واقع خارجي يلفظهم ويضطهدهم، هي أحد الروابط الأساسية التي تحافظ على بقاء النسيج المجتمعي المهترئ لما يسمى بدولة إسرائيل، حيث تنصهر معظم خلافاتهم فيما بينهم، ولو مؤقتًا، في بوتقة الصراع تلك، فاليهود رغم اتفاقهم على بعض المبادئ الأساسية المشتركة فهم ليسوا جماعة واحدة، بل أحزاب وفرق وبينهم من الاختلاف الشيء الكثير، وإلى الآن لا يزال بينهم تحديات وقضايا فارقة ربما تهدِّد بزوالهم، ولكنهم يتناسون ذلك عبر اصطناع صراع دائم يعمل على تغطية خلافاتهم المذهبية
الفكرة من كتاب الشخصية الإسرائيلية
هذا الكتاب أشبه بوضع الشخصية الإسرائيلية تحت الميكروسكوب النفسي، فهو يعد تحليلًا نفسيًّا يستهدف الولوج إلى داخل العقلية الإسرائيلية، ومعتركًا فكريًّا لمناقشة أهم قضايا الإسرائيليين المحورية ودحض أفكارهم.
مؤلف كتاب الشخصية الإسرائيلية
حسن محمد توفيق ظاظا: عالم مصري، يُعدُّ من أشهر المختصين في اللغة العربية واللغات السامية، وُلد في القاهرة عام 1919، وحصل على الماجستير في الأدب العبري والفكر اليهودي من الجامعة العبرية بالقدس في فلسطين، ثم على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة باريس (السوربون) بدرجة الشرف الأولى، ومارس التدريس بعدد من الجامعات العربية، ثم تركه بعد ذلك ليعمل مستشارًا في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، وتوفي عام 1999 ودُفن في مقبرة النسيم بالرياض.
ومن مؤلفاته:
اللسان والإنسان.
الساميون ولغاتهم.
أبحاث في الفكر اليهودي.