الانفصال عن البشر والامتياز عليهم
الانفصال عن البشر والامتياز عليهم
تعدُّ عقدة الشعور بالفوقية والاستعلاء على البشر من أخص صفات الشخصية اليهودية، وذلك ظاهر حتى في أصل مسمياتهم (اليهود وإسرائيل والعبرانيين) كما أوضحنا، فهي ترجع إلى عنصرية دينية أو عرقية، ولعل ذلك المعنى تأكد بعد ذلك كردَّة فعل عكسية على نظرة الدونية التي التصقت بهم من قِبل الأمم الأخرى جرَّاء أفعالهم، وعلى ذلك تغلغلت تلك الصفة في نفوسهم وتشرَّبتها أجيالهم، وظهرت على تعبيراتهم بإطلاقهم على أنفسهم “شعب الله” و”أحباب الله” و”حلفاء الله” و”الشعب الأبدي” و”الشعب الأزلي”.
ويستغل اليهود بعض التفسيرات الواهية لنصوصهم التوراتية المحرفة في إثبات دعواهم، من ذلك مثلًا قولهم إن الرجل الذي صارعه يعقوب وغلبه كان هو الرب! ولم يتركه يعقوب من يده حتى باركه بإطلاق وصف إسرائيل عليه! كما يستشهدون بنصوص من أسفار التوراة يدلِّل فيها الرب اليهود (حسب زعمهم)، ويختصهم دون غيرهم بالتأييد والنصرة على باقي شعوب الأرض قاطبة!
وفي معرض الرد عليهم -إن سلمنا جدلًا بدعواهم تلك- نؤكد أن الله لا يختار أجناسًا ولكن يختار مؤمنين، كما خاطب سبحانه أمة المسلمين بأنه جعلهم خير أمة أُخرجت للناس بشرط الإصلاح في الأرض، فهو اختيار مشروط إذًا وليس على إطلاقه، فإذا تخلى المسلمون عن هذا الشرط انتفى عنهم المشروط، وعلى ذلك فالله (عز وجل) اختار اليهود بوصفهم المؤمنين الذين وقفوا في وجه فرعون في ذلك الزمان، ولم يختر شارون ولا نتنياهو! فهو وعد مؤقت بمرحلة زمنية، كما أنه مشروط أيضًا بالتزامهم بالعهود والمواثيق.
أما دعوى “النقاء العرقي” التي طالما تغنَّى بها اليهود فهي فكرة واهية، فنظرة فاحصة إلى تاريخ الأديان نجد أن اليهودية كغيرها من الديانات دخل فيها الكثير من الملل والنحل ومختلف الأجناس، وليس ثمة رابط موثوق يمكن الاعتماد عليه في إثبات نسب يهود اليوم إلى يهود الأمس وحدهم.
الفكرة من كتاب الشخصية الإسرائيلية
هذا الكتاب أشبه بوضع الشخصية الإسرائيلية تحت الميكروسكوب النفسي، فهو يعد تحليلًا نفسيًّا يستهدف الولوج إلى داخل العقلية الإسرائيلية، ومعتركًا فكريًّا لمناقشة أهم قضايا الإسرائيليين المحورية ودحض أفكارهم.
مؤلف كتاب الشخصية الإسرائيلية
حسن محمد توفيق ظاظا: عالم مصري، يُعدُّ من أشهر المختصين في اللغة العربية واللغات السامية، وُلد في القاهرة عام 1919، وحصل على الماجستير في الأدب العبري والفكر اليهودي من الجامعة العبرية بالقدس في فلسطين، ثم على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة باريس (السوربون) بدرجة الشرف الأولى، ومارس التدريس بعدد من الجامعات العربية، ثم تركه بعد ذلك ليعمل مستشارًا في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، وتوفي عام 1999 ودُفن في مقبرة النسيم بالرياض.
ومن مؤلفاته:
اللسان والإنسان.
الساميون ولغاتهم.
أبحاث في الفكر اليهودي.