المرأة والصورة.. دلالة التعري
المرأة والصورة.. دلالة التعري
ونعني بالصورة هنا الجسم، وعنيت الشريعة بتغليب النفس على الصورة، فإذا انقلب الأمر صرنا إلى ما نحن عليه الآن إذ غُلِّبت الصورة انجرافًا وراء مبادئ الغرب المادية، وأمر الملبس والهيئة ليس شيئًا محايدًا كما يشيع البعض، وإنما لكل صورة باعث، وليس هناك شكل لا يعبِّر عن مضمونه بحال، فكما أن للباس دلالة ومعنى فإن للتعري دلالة ومعنى.
ودلالة التعري في الغرب لها باعث وثني قديم، فعندما دخل قسطنطين إمبراطور روما في المسيحية غلَّب عليها معتقداته الوثنية اليونانية القديمة، وبات يحرِّف فيها حتى أحلَّ لهم لحم الخنزير، وجعلهم يصلُّون له في الشرق، وصوَّروا له المعابد والكنائس، وقد كان اليونانيون يجسدون التماثيل عارية تمامًا في صورة خادشة لحياء الفطرة السوية في ترجمة للفلسفة الإغريقية ونظرتها المادية، وتصور الإنسان عبدًا لغرائزه وشهواته من المال والسلطة والجنس، إذ كان فلاسفتهم لا يجدون مانعًا في الزنا والفحش، وأساطيرهم عن الآلهة مليئة بمثل تلك الأمور، الأمر الذي لم تستطع المسيحية التغلب عليه، بسلطة من قسطنطين وبسلطة من الثقافة السائدة، حتى اصطبغت المسيحية بألوان تلك الوثنية وانطلقت تصنع التماثيل للمسيح والعذراء، وانتشر التعري للصورة البشرية الحية ليصبح صورة العالم الغربي اليوم، ولينتقل إلى عالمنا العربي والإسلامي مع المنهزمين حضاريًّا من بني جلدتنا.
فترى الصورة في التجارة والإعلام مرتكزة على العري، فلا يمر إعلان تجاري لأي سلعة جهازًا كان أو سيارةً، أو غيرها إلا وأحد عناصر الإعلان هو امرأة شبه عارية وبكامل زينتها، في تسليع فج للمرأة، والأمر مدروس بدقة، ففي عالم المادة والرأسمالية المتوحِّشة التي لا يعنيها سوى الربح يخبرك علم النفس التجاري أن تعتمد على إثارة شهوة المشاهد، فيرتبط بالسلعة فيتوجه إلى شرائها من خلال جسد تلك المرأة، أما في عالم السياسة والثقافة فتمتلئ الأدبيات والمسارح والسينمات بكل صور العري بغرض هدم البنية الدينية للمجتمع، ومن ثم حركات الإسلام السياسي.
الفكرة من كتاب سيماء المرأة في الإسلام
في ظل كثرة الدعاوى الموجهة للمرأة وتضاربها ينطلق المؤلف في دراسة تتناول المرأة في الإسلام من وجهين: من حيث كونها نفسًا إنسانية مكتملة، ومن ناحية الصورة أو الهيئة ودلالات تلك الهيئة في الشريعة، معلنًا أن منهجه في كتابه الانطلاق من آيات القرآن وفهم خطاب الله (عز وجل)، وصحيح الأحاديث فقط. والسيماء تعني العلامة أو الرمز الدال على معنى مقصود.
مؤلف كتاب سيماء المرأة في الإسلام
فريد الأنصاري (1960- 2009): عالم دين وأديب مغربي، حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص أصول الفقه، كان عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ومؤسس موقع “الفطرية”، وهو موقع دعوي يسعى إلى إعادة الاعتبار لمركزية القرآن الكريم واعتماد منهجيته في الدعوة والتربية.
ومن أبرز مؤلفاته:
جمالية الدين.
بلاغ الرسالة القرآنية.
مجالس القرآن من التلقي إلى البلاغ.
أبجديات البحث في العلوم الشرعية.