عمرة ولكن!
عمرة ولكن!
كيف تتمكَّن من أداء عمرة ودخول البلاد السعودية بغير جواز سفر! هذا ما حدث للدكتور في يوم من الأيام حيث عرض عليه أحدهم في مسجد الحقان بالفنطاس أن يرافقهم لأداء العمرة وعندما احتج بسحب جواز سفره أخبره بأنه لن يحتاج إليه! وبالفعل في الأسبوع الأول من رمضان انطلقت مجموعة من ضمنهم الدكتور عبد الله سالكين الطريق الترابي باستعمال السيارات الجيمس لتقابلهم جماعة أخرى على الطريق وقت غروب الشمس، وفجأة ظهرت أمامهم سيارات عسكرية تحمل جنودًا مسلحين أوقفوهم وقادوهم نحو مخفر الرقعي السعودي.
من الرقعي إلى حفر الباطن ثم إلى القيصومة وصولًا إلى الدمام تحديدًا سجن المباحث، رحلة استغرقت أربع ساعات وبعد وصولهم إلى هناك تم أخذهم إلى الزنازين حيث تسع الواحدة منها ثمانية أشخاص، وبعد أن أدوا صلاتهم ونتيجة التعب والإرهاق قرَّروا النوم دون أن يسمحوا لأنفسهم بالتفكير أو الحديث عما حصل، ولم يكن يشغلهم وقتها سوى أمرين: المصاحف والكتب التي تركوها في السيارة، ودورات المياه القذرة فوفَّرت الإدارة لهم مطلبهم الأول، أما عن دورات المياه فقاموا هم أنفسهم بتنظيفها بعد أن وفرت لهم إدارة السجن الأدوات المطلوبة.
بدأت التحقيقات معهم في اليوم الرابع ونتيجة عدم وجود أوراق معهم تثبت هويتَّهم ونتيجة الأوضاع السياسية أيضًا انتحلوا أسماء ووظائف أخرى لتمر الأيام سلسة رتيبة حتى العشر الأواخر من رمضان عندما شعروا بحركة غير عادية تنبئ عن وجود شخصيات رسمية مهمة، وبرؤيا رآها أحدهم وبشَّر بها الدكتور عبد الله كانت هي العلامة الثانية للفرج، فقبيل إفطار يوم من أيام العشر أحضره الضابط إلى غرفة مكيفة وأخبره بعودته إلى الكويت بأمر عاجل من الأمير عبد المحسن بن جلوي والإفراج عنه ليودِّع زملاءه عائدًا برسائل يحملها إلى ذويهم هناك في الوطن.
الفكرة من كتاب من أيام العمر الماضي
يبدو أننا لا نعرف كثيرًا عن العالم الذي نعيش فيه، فلكلٍّ تفسيره الخاص الناتج من تجارب ومعايشة لأوضاع من الصعب أن نحكم عليها عبر صفحات الأوقات، لكننا نكوِّن وجهة نظرنا الخاصة أيضًا من خلال الاطلاع عليها، ومن تلك التجارب تجربة للدكتور عبد الله النفيسي، إذ يرينا عالمه الخاص ويطلعنا على العالم من حوله أيضًا، فمن مدرسة فيكتوريا بمصر إلى مانشستر في بريطانيا ثم الجامعة الأمريكية في بيروت ثم العراق والشيعة والعودة إلى لندن ثم الكويت والسلطة مرورًا بالدمام وانتهاءً بالعين في الإمارات للعودة منها إلى الوطن.
مؤلف كتاب من أيام العمر الماضي
عبد الله بن فهد النفيسي: سياسي وأكاديمي انتُخِب عضوًا لمجلس الأمة، عمل أستاذًا للعلوم السياسية في جامعة الكويت وجامعة الإمارات في مدينة العين، وهو يحمل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من كلية تشرشل بجامعة كامبردج في بريطانيا بعد أن حصل على الإجازة من الجامعة الأمريكية في بيروت.
من مؤلفاته: في السياسة الشرعية، وعلى صهوة الكلمة، والعالم بعد غزوة منهاتن، والمستقبل الغربي.