قُرب وتطهير وغفران
قُرب وتطهير وغفران
يقول النبي ﷺ: “مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ”، وليس أداء الصلاة وحدها بل وحتى الاستعداد لها بَدءًا من الوضوء، فمع كل عضو يغسله المؤمن بالماء تخرج عنه خطاياه فينقَّى من الذنوب مع كل وضوء يحسنه، ومن أتم وضوءه وأتبعه بأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
يقول رَسُولُ اللَّه ﷺ: “إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: وَمَا تقرَّبَ إِلَيَّ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ، وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِليَّ بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه”، فأي مكانة وأي قُرب وجمال ومعية يبغي المرء بعد ذلك؟
وأحب الصلاة إلى الله وأرفعها مكانة بعد الفريضة صلاة الليل، فكان النبي يقيم الليل وهو الذي قد غفر له كل ذنبه حتى تتفطَّر قدمه، فتسأله عائشة: لم يصنع هذا؟ فيجيبها “أفلا أكون عبدًا شكورًا”، حتى إنه كان إن فاته قيام الليل صلَّى مثله من النهار، وكان يوقظ عليًّا وفاطمة للقيام ويبشِّر من أيقظ أهله للصلاة من الليل بأن يكتبهم الله من الذاكرين والذاكرات، وكان يقول لعبد الله بن عمر: “نعم الرجل عبد الله لو كان يصلِّي من الليل”، ففي الليل يكون العبد من ربه (عز وجل) أقرب ما يكون.
الفكرة من كتاب الدين هو الصلاة.. والسجود لله باب الفرج
“الله أكبر، فتخلصُ النفس من خوفها لتأمن بالله.. الله أكبر، فتخلص الروح من حزنها ووحشتها لتأنس بالله.. الله أكبر، فتتحرر النفس من ضعفها وعجزها لتتقوى بالله.. الله أكبر، أنت في حما الله عز وجل الآن، تستمد منه القوة والملاذ، والأنس والجمال والجلال والسلام، فتنطلق للحياة بنفس ثابتة مطمئنة”.
بين أيدينا رسالة يقدمها الكاتب في فريضة الصلاة، مستمدًّا مادتها من كتاب الله وسنة نبيِّه، لبيان مركزيتها الكبرى ومنزلتها عند الله (عز وجل)، وما كان عليه النبي ﷺ وصحابته من قيام بحقها، ولبيان ثقلها في ميزان العبد إذ يُناط بها مصيره ويلحق بها سائر عمله.
مؤلف كتاب الدين هو الصلاة.. والسجود لله باب الفرج
فريد الأنصاري: كاتب مغربي، ولد عام 1960 وتُوفِّي عام 2009، وقد حصل على الدكتوراه في أصول الفقه من جامعة الحسن الثاني في المغرب، وعرف بأسلوبه الأدبي المميز وانطلاقه من مركزية الوحي والسنة النبوية في طرحه.
له عدد من الروايات والدواوين الشعرية، وصدر له عدد من الكتب منها:
البيان الدعوي وظاهرة التضخُّم السياسي
جمالية الدين: معارج القلب إلى حياة الروح
سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة