الإيمان والسعادة القلبية
الإيمان والسعادة القلبية
إن صاحب القلب الثابت مؤمن بقضاء الله ويؤمن بحديث رسوله (صلى الله عليه وسلم): “عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ”، فهذه النعمة لا يفوز بها إلا صاحب القلب الثابت على الرضا بالله، ومتى ثبت القلب على العقيدة، واعتصم بحبل ربِّه، ولجأ إلى حماه فقد آوى إلى ركن رشيد، فالإسلام يُعلّم أهله أمن النفس، وطمأنينة القلب، فيقول القرآن في وصف المؤمنين: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
فالسعادة شيء معنوي، يشعر بها الإنسان بين جوانحه: صفاء النفس، وطمأنينة القلب وانشراح الصدر، فإن الإيمان بالله وبالدار الآخرة هو ماؤها وغذاؤها، ومن أجل ذلك نرى أشقى الناس في الحياة أكثرهم إلحادًا، إنهم قد يملكون المال الكثير، ويحصلون على الرزق الوفير، ولكن لا يلبثون إذا حلَّت بهم مصيبة أن ياخذهم الجزع، لأن من طبيعة النفس الخوف من العدم، أما المؤمن فيحمد الله في السراء والضراء، ومهما حلَّ به، فهو يعتمد على ركن ركين، وملجأ حصين.
وعرف المصنفون أن أهدى السبل وأقربها إلى الظفر بالطمأنينة إنما هو سبيل الوحي الإلهي المعصوم، فهو المصل الواقي من الشك المُحطِّم والقلق المفزع، يقول تعالى: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، فشعور الإنسان واعتقاده أنه على الحق المبين، وأنه على الصراط المستقيم شعور لا يظفر به غير المؤمن بوحي الله وهداه، إن الوحي وحده هو السبيل للوصول إلى اليقين في قضايا الوجود الكبرى، وبغير الوحي لن يكون يقينًا وبغير اليقين لن تكون سكينة، وبغير السكينة لن تكون سعادة.
الفكرة من كتاب أسعد نفسك وأسعد الآخرين
قد يقف الإنسان في لحظة من اللحظات متسائلًا: “ما غايتي من الحياة؟ ما الذي يجب عليَّ أن أفعله؟ هل تحقيق الثروة المالية سيحقِّق لي السعادة والطمأنينة التي أرجوها؟ أم أن الجاه والمنصب هو ما سيحقِّق ذلك؟”.
إن كثيرًا من الواهمين يعتقدون أن السعادة لا حقيقة لها، فلو عرف الإنسان حقيقة الحياة، لوجد فيها أسبابًا كثيرة تُحقِّق تلك السعادة، بل تحقِّق له الجنة في الدنيا قبل أن يراها في الآخرة، لكن قبل السير في البحث عنها لا بدَّ أن نعرف حقيقتها، والأسباب التي تخلق السعادة الفعلية الدائمة.
مؤلف كتاب أسعد نفسك وأسعد الآخرين
حسَّان شمسي باشا: طبيب سوري الجنسية، واستشاري أمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة وزميل الكليات الملكية للأطباء في أيرلندا وجلاسجو ولندن وزميل الكلية الأمريكية لأطباء القلب، شارك في العديد من المؤتمرات والندوات، منها: ندوات الأخلاقيات الطبية في المملكة العربية السعودية وغيرها.
وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية لأمراض القلب في الولايات المتحدة وأوروبا، وله أكثر من خمسين بحثًا طبيًّا في أمراض القلب نشرت في المجلات الطبية الأمريكية والأوروبية. من مؤلفاته: “همسة في أذن فتاة”، و”عندما يحلو المساء”، و”مسؤولية الطبيب بين الفقه والقانون”.