التعليم والدين
التعليم والدين
إن المعلم الذي يجلس حوله أتباعه ومريدوه، لا يعطي شيئًا من حكمته، بل إنما يعطي من إيمانه وعطفه ومحبته، وكذلك لا يستطيع أن يعلم الناس شيئًا غير ما هو مستقر في فجر معرفتهم وهم غافلون عنه.
يقول جبران إن “ما يعلمكم معلم الحكمة، ولكنه يعلمكم إيمانه وعطفه ومحبته، فكما لا يستطيع الموسيقيُّ أن يعطيك أذنه ويعطيك فقط بعض مما ينشده، فكذلك لا تتوقع أن تعلم حقًّا بأي السبل دون الوحي، وكذلك يجب لكل منكم أن يكون له سبيله الخاص في معرفة الله وفي إدراكه لأسرار الأرض”.
كما يرى جبران أن الدين المعاملة ولا توجد أي فائدة من تقييد السلوك بقيود الفلسفة والتقليد والعادة، لأن الحرية لا تخرج من شخص مقيد نفسه، وحياتنا لا بدَّ أن تكون كلها عبادة، مضيفًا: “كل من يعتقد أن العبادة نافذة يفتحها ثم يغلقها، هو لم يبلغ بعد إلى هيكل نفسه الذي نوافذه مفتوحة من الفجر إلى الفجر، إن حياتكم اليومية هي هيكلكم وهي ديانتكم، فخذوا معكم كل مالكم عندما تدخلون هيكلها، وإن شئتم أن تعرفوا ربكم، لا تعنوا بحل الأحاجي والألغاز، بل تأملوا فيما حلوكم تجدوه لاعبًا مع أولادكم، وارفعوا أنظاركم إلى الفضاء الواسع تبصروه يمشي في السحاب، ويبسط ذراعيه في البرق، وينزل إلى الأرض مع الأمطار، تألموا جيدًا، تروا ربكم يبتسم بثغور الأزهار، ثم ينهض ويحرك يديه بالأشجار”.
الفكرة من كتاب النبي
يعدُّ كتاب “النبي” أشهر كُتب جبران الذي كتبه بالإنجليزية وتُرجم إلى أكثر من خمسين لغةً، وهو درة ما كتبه وخلاصة ما توصَّلَ إليه، وعصارة تجارِبه الذاتية ونظرته الحياتية؛ فهو يحوي خلاصة آراء جبران في الحب والزواج والأولاد والبيوت والثياب والبيع والشراء والحرية والقانون والرحمة والعقاب والدين والأخلاق والموت واللذة والجمال والشرائع وغيرها، لذا فقد اعتبر جبران كتابه هذا «ولادتَه الثانية» التي ظلَّ ينتظرها ألف عام.
وقد روى رسالته على لسان نبي سمي “المصطفى”.
رسالة هذا النبي رسالة المتصوف المؤمن بوحدة الوجود أن الروح تتعطش للعودة إلى مصدرها، وأن الحب جوهر الحياة.
وقد عبر جبران في هذه الرسالة عن آرائه في الحياة من خلال معالجته للعلاقات الإنسانية التي تربط الإنسان بالإنسان.
مؤلف كتاب النبي
جبران خليل جبران، شاعر وكاتب ورسام عربي لبناني، وُلد في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 1883م في بلدة بشري في شمال لبنان ونشأ فقيرًا.. لم يتلقَّ “جبران” التعليم الرسمي خلال شبابه في متصرفية جبل لبنان. هاجر صبيًّا مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليدرس الأدب وليبدأ مسيرته الأدبية والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
امتاز أسلوب جبران بالرومانسية، ويعدُّ من رموز عصر نهضة الأدب العربي الحديث، وخاصة في الشعر النثري.
من أهم مؤلفاته:
الأرواح المتمردة.
دمعة وابتسامة.
مناجاة أرواح.
الأجنحة المتكسرة.
المواكب.
حديقة النبي.
أرباب الأرض وغيرها من المؤلفات.
توفي جبران خليل جبران في نيويورك في 10 أبريل (نيسان) عام 1931، أي عن عمر ناهز الـ 48 عامًا، بسبب مرض السل وتليف الكبد، وقد تمنى جبران أن يدفن في لبنان، وتحققت أمنيته في 1932، حيث نقل رفاته إليه، ودفن هناك فيما يُعرَف الآن باسم “متحف جبران”.