حال الناس في العطاء.. ما تعطيه اليوم تأخذه غدًا
حال الناس في العطاء.. ما تعطيه اليوم تأخذه غدًا
يرى جبران أن حال الناس في العطاء مختلف؛ فمن الناس من يعطون قليلًا من الكثير الذي يملكونه، وهم يعطونه لأجل الشهرة، ورغبتهم الخفية في الشهرة الباطلة تُضيع الفائدة من عطاياهم، ومنهم من يملكون قليلًا ويعطونه بأسره أو كله، فهم المؤمنون بالحياة وبسخاء الحياة، وهؤلاء لا تفرغ صناديقهم، ولا تنفد خزائنهم أبدًا.
ويذكر جبران أن هناك أيضًا من يعطي بفرح، وفرحهم مكافأة لهم، ومنهم من يعطي بألم ومكابدة، وألمهم تكفير لهم، وأولئك الذين يعطون ولا يعرفون معنًى للألم في عطائهم، ولا يتطلّبون فرحًا، ولا يرغبون في إذاعة فضائلهم، هؤلاء يعطون مما عندهم كما يعطي الرَّيْحَان عبيره العَطِر في الفضاء.
ولفت جبران- على لسان نبيه- إلى أنه من الجميل أن يعطي الإنسان من يسأله ما هو في حاجة إليه، ولكن أجمل من ذلك أن يعطي من لا يسأله وهو يعرف حاجته، فإن من يفتح يديه وقلبه للعطاء يكون فرحه بسعيه إلى من يتقبل عطاياه والاهتداء إليه أعظم منه بالعطاء نفسه.
ويقول: “إن المرء حينما يعطي لا ينتظر مقابلًا، فالمعطاء الحق يعطي ليحيا، ويجب ألا تقول “أعطي لمن يستحق فقط”، فأنت لا تعرف من يستحق ولا تقدر على ذلك، كما الشجرة تعطي للجميع دون تفضيل”.
الفكرة من كتاب النبي
يعدُّ كتاب “النبي” أشهر كُتب جبران الذي كتبه بالإنجليزية وتُرجم إلى أكثر من خمسين لغةً، وهو درة ما كتبه وخلاصة ما توصَّلَ إليه، وعصارة تجارِبه الذاتية ونظرته الحياتية؛ فهو يحوي خلاصة آراء جبران في الحب والزواج والأولاد والبيوت والثياب والبيع والشراء والحرية والقانون والرحمة والعقاب والدين والأخلاق والموت واللذة والجمال والشرائع وغيرها، لذا فقد اعتبر جبران كتابه هذا «ولادتَه الثانية» التي ظلَّ ينتظرها ألف عام.
وقد روى رسالته على لسان نبي سمي “المصطفى”.
رسالة هذا النبي رسالة المتصوف المؤمن بوحدة الوجود أن الروح تتعطش للعودة إلى مصدرها، وأن الحب جوهر الحياة.
وقد عبر جبران في هذه الرسالة عن آرائه في الحياة من خلال معالجته للعلاقات الإنسانية التي تربط الإنسان بالإنسان.
مؤلف كتاب النبي
جبران خليل جبران، شاعر وكاتب ورسام عربي لبناني، وُلد في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 1883م في بلدة بشري في شمال لبنان ونشأ فقيرًا.. لم يتلقَّ “جبران” التعليم الرسمي خلال شبابه في متصرفية جبل لبنان. هاجر صبيًّا مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليدرس الأدب وليبدأ مسيرته الأدبية والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
امتاز أسلوب جبران بالرومانسية، ويعدُّ من رموز عصر نهضة الأدب العربي الحديث، وخاصة في الشعر النثري.
من أهم مؤلفاته:
الأرواح المتمردة.
دمعة وابتسامة.
مناجاة أرواح.
الأجنحة المتكسرة.
المواكب.
حديقة النبي.
أرباب الأرض وغيرها من المؤلفات.
توفي جبران خليل جبران في نيويورك في 10 أبريل (نيسان) عام 1931، أي عن عمر ناهز الـ 48 عامًا، بسبب مرض السل وتليف الكبد، وقد تمنى جبران أن يدفن في لبنان، وتحققت أمنيته في 1932، حيث نقل رفاته إليه، ودفن هناك فيما يُعرَف الآن باسم “متحف جبران”.