ربيع القلوب
ربيع القلوب
دلَّ كثير من النصوص على أن القلب هو آلة الفهم والإدراك، والقلب إذا أحب القرآن تلذَّذ بقراءته، واجتمع على فهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر العميق، فمن علامات حب القرآن: الفرح بلقائه والجلوس معه أوقاتًا طويلة دون ملل والتطلع إليه وكثرة مشاورته والثقة بتوجيهاته والرجوع إليه.
وينبغي لكل مسلم أن يسأل نفسه: هل أنا أحب القرآن؟ الكثير سيُجيب: نعم أحب القرآن، وكيف لا؟ لكن هل هو صادق في هذا الجواب؟ من هنا يأتي السؤال الآتي: كيف أحب القرآن إذًا؟ إن من وسائل تحصيل حب القرآن: التوكُّل على الله تعالى والاستعانة به، والالتزام بسورة الفاتحة لأن بها سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم، كذلك الالتزام بالاستعاذة والبسملة عند القراءة، وذلك لأن الاستعاذة تصرف الشيطان الذي قد يحول بين العبد والقرآن، أما البسملة ففيها دعاء الله بثلاثة من أسمائه: الله، الرحمن، الرحيم.
والوسيلة الثانية الإكثار من الدعاء الذي أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه، فعن ابن مسعود (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “ما قال عبدٌ قط إذا أصابه همٌّ وحزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي؛ إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحًا”.
الفكرة من كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ وكلام الله (عز وجل) حقٌّ مُبين، وحين نتأمل حولنا نجد الحفَّاظ الكُثر، ونجد المُصحف في كل البيوت، لكن أخلاق القرآن لم تعد بيننا، والقوة الإيمانية التي اكتسبها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته لا نملك ولو مقدارًا بسيطًا يسيرًا منها، فلماذا إذًا هذه النتيجة؟
في الحقيقة كان تعاملنا مع القرآن غير الذي أُنزل من أجله، فانصبَّ اهتمامنا على حروفه دون فهم معانيه واكتسابها، دون أن نتدبَّر آياته، وإن التدبُّر لهو الغاية التي أُنزِل من أجلها القرآن، ومن هنا ينطلق الكاتب في تعريف التدبر والوسائل المعينة عليه، وكيف نُحب القرآن ونكتسب معانيه؟ حتى نرتقي بالإيمان ونكون أهلًا للنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
مؤلف كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
خالد بن عبد الكريم اللاحم: كاتب وأستاذ علوم القرآن المساعد بجامعة الإمام، وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، له عدَّة مؤلفات ضمن مشروع بعنوان “خطوات التربية على الحياة”، ومن تلك الكُتب:
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان.
مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله.
القراءة بقلب قلب النجاح في الحياة، وغيرها.