تدبُّر الآيات
تدبُّر الآيات
إن العبد إذا تعلَّق قلبه بكتاب ربه فتيقَّن أن نجاحه ونجاته وسعادته وقوته في قراءته وتدبره، وأن هذه البداية للانطلاق في مراقي النجاح وسلم الفلاح في الدنيا والآخرة، لذا علينا أن نتتبَّع القواعد التي كان يسلكها السلف الصالح في التعامل مع القرآن، وذلك لأننا اليوم نأخذ القرآن على ظاهره، فنقتصر على حروفه وسطوره، إلا أن المؤمنين الذين آمنوا بأنه كلام الله، غاصوا في معانيه واكتشفوا كنوزه، فالقرآن لا تنتهي أنواره.
حين نتأمل في علاقتنا بالقرآن نجد أنها تتكوَّن من ثلاثة أطراف: المؤثر وهو القرآن، والمتأثر وهو قلب القارئ، والمُوصِّل وهو القراءة والتدبُّر، والقرآن أثره ثابت بلا شك، فأين الخلل إذن؟ بقي الاحتمال في المتأثر، والموصِّل، فالهدف المقصود إذًا هو محاولة علاج الخلل.
فالتدبُّر هو الطريقة المناسبة للتعامل مع القرآن، ويعني التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة، ومعنى تدبر القرآن هو التفكر والتأمل لآيات القرآن من أجل فهمه وإدراك معانيه وحكمه والمراد منه، وذلك لتحقيق العمل به.
ولكن مما يصرف كثيرًا من المسلمين عن تدبُّر القرآن والتفكر فيه اعتقادهم صعوبة فهم القرآن، وهذا خطأ لمفهوم تدبر القرآن وانصراف عن الغاية التي من أجلها أنزل، فالقرآن أولًا كتاب تربية وتعليم، وكتاب هداية وبصائر لكل الناس، فكيف يكون عسيرًا على فهمه؟!
ومن علامات حدوث عملية التدبُّر: اجتماع القلب والفكر في أثناء القراءة، والبكاء من خشية الله وزيادة الخشوع، وزيادة الإيمان والفرح والاستبشار والقشعريرة خوفًا من الله تعالى، ثم غلبة الرجاء والسكينة، وأخيرًا السجود تعظيمًا لله (عز وجل).
الفكرة من كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ وكلام الله (عز وجل) حقٌّ مُبين، وحين نتأمل حولنا نجد الحفَّاظ الكُثر، ونجد المُصحف في كل البيوت، لكن أخلاق القرآن لم تعد بيننا، والقوة الإيمانية التي اكتسبها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته لا نملك ولو مقدارًا بسيطًا يسيرًا منها، فلماذا إذًا هذه النتيجة؟
في الحقيقة كان تعاملنا مع القرآن غير الذي أُنزل من أجله، فانصبَّ اهتمامنا على حروفه دون فهم معانيه واكتسابها، دون أن نتدبَّر آياته، وإن التدبُّر لهو الغاية التي أُنزِل من أجلها القرآن، ومن هنا ينطلق الكاتب في تعريف التدبر والوسائل المعينة عليه، وكيف نُحب القرآن ونكتسب معانيه؟ حتى نرتقي بالإيمان ونكون أهلًا للنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
مؤلف كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
خالد بن عبد الكريم اللاحم: كاتب وأستاذ علوم القرآن المساعد بجامعة الإمام، وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، له عدَّة مؤلفات ضمن مشروع بعنوان “خطوات التربية على الحياة”، ومن تلك الكُتب:
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان.
مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله.
القراءة بقلب قلب النجاح في الحياة، وغيرها.