هدى القرآن
هدى القرآن
إن الوسيلة الأولى لإصلاح النفس وتزكية القلب هي العلم، ووسيلة العلم الأولى القراءة والكتابة، لذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى لما أراد هداية الخلق أنزل إليهم كتابًا يُقرأ، وأول آية نزلت منه بدأت بأعظم مفتاح للإصلاح ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، وعليه فمن أراد الزكاة والصلاح فلا طريق له سوى القرآن والسنَّة، ولا تكون قراءتها كأي قراءة، بل هي قراءة تربوية تبحث عن كل غاية وكل مقصد وكل معنى.
إن سبب فشل كثير من الناس في الحياة هو ضعف الإرادة الناتج عن النسيان ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾، والإرادة ثلاثة أنواع، وهي: الحب والخوف والرجاء، فإذا أردنا قوة العزيمة وعلو الهمة يجب تقوية هذه الجوانب، فالعلم وحده لا يكفي ليتحرَّك الإنسان، فمثلًا نجد أن المُدخِّن يعلم خطر التدخين لكنَّه علم سطحي لا يُقاوم رغبته في الكف عنه.
كما أن الشيطان قد توعَّد آدم وبنيه، وبالتالي يجب أن نبحث عن الوسيلة التي تحمينا من عداوة الشيطان، وحين نعود إلى القرآن نجد أن تلك الوسيلة هي الهدى الذي أنزله الله على رسله، يقول تعالى: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾، وحين نتأمَّل حال الناجحين في الحياة بدءًا بالرسول (صلى الله عليه وسلم) نجد أن القاسم المشترك بينهم هو التمسُّك بالقرآن والقيام به لا سيما في صلاة الليل، وذلك لأن قراءة القرآن في صلاة الليل أقوى وسيلة لبقاء التوحيد والإيمان في القلب، فالقرآن هو كتاب النجاح والسعادة الحقيقية.
الفكرة من كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ وكلام الله (عز وجل) حقٌّ مُبين، وحين نتأمل حولنا نجد الحفَّاظ الكُثر، ونجد المُصحف في كل البيوت، لكن أخلاق القرآن لم تعد بيننا، والقوة الإيمانية التي اكتسبها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته لا نملك ولو مقدارًا بسيطًا يسيرًا منها، فلماذا إذًا هذه النتيجة؟
في الحقيقة كان تعاملنا مع القرآن غير الذي أُنزل من أجله، فانصبَّ اهتمامنا على حروفه دون فهم معانيه واكتسابها، دون أن نتدبَّر آياته، وإن التدبُّر لهو الغاية التي أُنزِل من أجلها القرآن، ومن هنا ينطلق الكاتب في تعريف التدبر والوسائل المعينة عليه، وكيف نُحب القرآن ونكتسب معانيه؟ حتى نرتقي بالإيمان ونكون أهلًا للنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
مؤلف كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
خالد بن عبد الكريم اللاحم: كاتب وأستاذ علوم القرآن المساعد بجامعة الإمام، وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، له عدَّة مؤلفات ضمن مشروع بعنوان “خطوات التربية على الحياة”، ومن تلك الكُتب:
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان.
مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله.
القراءة بقلب قلب النجاح في الحياة، وغيرها.