الطب الحديث
الطب الحديث
يقوم الطب الحديث على مناهج علمية متخصِّصة، كعلم دراسة وظائف الأعضاء وعلم التشريح، وعلم الجراحة، وعلم الميكروبات والبكتيريا، وعلم زراعة الأعضاء، وغيرها من العلوم،كما تفرَّعت عنه علوم أخرى كعلم الخلايا وعلم الأعصاب وعلم المورِّثات، والطب النووي وعلوم التغذية، وعلوم الطب الوقائي، وعلم النفس العلاجي والسلوكي، إذ لم يتطوَّر الطب الحديث عن الطب التقليدي، بل جاء نتيجة تطور التفكير العلمي، وظهور المناهج العلمية وتداخل العلوم بعد الثورة الصناعية في أوروبا، وقد اعتمد الطب في هذه المرحلة على نحو أساسي على منهجيات الاستنباط، واستقراء الحالات المرضية وتحليلها، والتوسُّع في البدائل العلاجية وضبطها علميًّا.
وقد تطوَّر الطب بعد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر بصورة هائلة، وأصبح يعتمد على أساليب لم يكن أحد ولا حتى أوسع الناس خيالًا في الماضي يدركها نتيجة النمو الاقتصادي والاجتماعي، وتزايدت الأبحاث العلمية لفهم آلية عمل الفيروسات والبكتيريا وظهرت جراحات المناظير والعلاج الجيني والتشخيص بالأشعة التلفزيونية وأشعة الرنين وغيرهما، ومع تطور نظرية جرثومية المرض اعتمد الأطباء مبدأ تطهير الجروح لمنع العدوى، وزادت الحاجة إلى الكفاءة، وأصبحت الرعاية الطبية من الأنشطة عالية الربحية وصارت تعمل وفقًا لاستراتيجيات الشركات الدولية طبقًا لدوافع الربح.
وفي ظل سهولة الحصول على المعلومات الطبية وبخاصة بعد ظهور الإنترنت تغيَّرت العلاقة بين الأطباء ومرضاهم، كما تطوَّرت المستشفيات وتطوَّرت وسائل التشخيص والعلاج، وقُسِّمت تبعًا للتخصصات المختلفة وتوفير الرعاية لذوي الأمراض والإصابات الحادة وإضافة غرفة الإفاقة إلى غرفة العمليات وإضافة التمريض إلى طاقم العاملين بالمستشفى لرعاية المرضى.
الفكرة من كتاب تاريخ الطب.. مقدمة قصيرة جدًّا
تماشيًا مع فطرة الإنسان في حفظ حياته، وإزالة الألم الذي يقوِّض راحته فقد حرص طوال تاريخه على إيجاد الوسائل التي تعينه على التداوي، ورغم مرور التداوي بأطوار تاريخية مع تطوُّر قوانينه وأساليبه وحتى مع اختلاف بعض أسسه وأدواته بين الأمم، فقد كان في معظم تاريخه لا ينفصل عن الحكمة الإنسانية بما تشمله من دين وفلسفة، حيث ينظر إلى الإنسان على أساس طبيعته الثنائية من الروح والجسد.
وتتابعت محاولات الإنسان على مر العصور للتخلُّص من الألم والمرض واستنتاج وتعلم وسائل التطبيب بدءًا بأبقراط ومن بعده جالينوس، ثم علماء المسلمين الذين كانوا قنطرة انتقال التراث العلمي اليوناني إلى أوروبا انتهاءً بما صار إليه الطب في العصر الحديث إثر التطور التكنولوجي وتزايد البحث العلمي بعد الثورة الصناعية في أوروبا، ويتناول الكتاب باختصار تاريخ الطب وما طرأ عليه من تغيرات ابتداءً بأبقراط حتى العصر الحديث.
مؤلف كتاب تاريخ الطب.. مقدمة قصيرة جدًّا
ويليام باينَم William Bynum: مؤرخ بريطاني، ولِد عام 1943م، حصل على درجة الأستاذية الفخرية في تاريخ الطب من كلية لندن، وعُيِّن رئيس الوحدة الأكاديمية لمعهد ويلكام لتاريخ الطب لسنوات عديدة، وعمل محررًا لمجلة ميديكال هيستوري العلمية في الفترة من عام 1980م إلى عام 2001م، من أشهر مؤلفاته بالتعاون مع روي بورتر: العلم وممارسة الطب في القرن التاسع عشر، وقاموس أكسفورد للمقولات العلمية، والنباتات الرائعة التي تشكِّل عالمنا.