العشاء
يبقى رسول الله في بيته إلى أذان العشاء ولم يكن يعجل بصلاتها وإنما ينتظر فإن رأى أصحابه اجتمعوا عجل وإن رآهم تأخروا أخر وكان يحب تأخيرها، وكان ﷺ أخف الناس صلاة في تمام، فقال أنس (رضي الله عنه): “ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله ﷺ”، وكان إذا سمع بكاء الصبي في الصلاة قرأ بسورة قصيرة كراهية أن يشق على أمه.
فإذا قُضيَت الصلاة خطب في الناس إذا كان هناك ما يدعو لذلك، وفي آخر مرة صلى فيها العشاء بأصحابه خطب فيهم فقال: “ألا إن الناس قد صلوا ثم رقدوا وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة”، وكان حديثه بعد صلاة العشاء قصيرًا مراعاة لتعب الناس وحاجتهم إلى النوم، وكان ﷺ إذا سلم مكث في مكانه حتى ينصرف النساء ويدخلن بيوتهن حتى إذا قام تبعه الرجال.
فإذا قُضِيت الصلاة رجع الرسول ﷺ إلى بيته فيصلي ركعتين راتبة العشاء ثم يجلس سويعة مع أهله يؤنسهم ويسامرهم، وربما ذهب لبعض أصحابه يسمر معهم ويحدثهم في أمر المسلمين، وربما مر في طريقه بقارئ حسن الصوت فيقف مستمعًا لهذه القراءة الحسنة كما مرَّ بأبي موسى الأشعري ذات ليلة فلما لقيه في الصباح قال له: “يا أبا موسى.. لقد أوتيت مِزمارًا من مزامير آل داود”.
الفكرة من كتاب اليوم النبوي
كان ﷺ إذا مشى مشى بقوة وعزم وكان يمشي بعفوية كذلك بعيدًا عن التواقر المتكلف، وكان إذا التفت التفت جميعًا، وكان يتبسم لمن يلقاه، وكان إذا مرَّ بصبيان سلَّم عليهم، وكان إذا لقي الرجل من أصحابه سلّم عليه وصافحه، وكان إذا صافح أحدًا لا ينزعُ يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع..
في هذا الكتاب يستعرض الكاتب ساعات يوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكأنَّنا نعيش معه بساطة الحياة العظيمة وعفوية الحياة الجادة والتوازن بين مناشط الحياة، وكيف كان يتنقَّل ما بين العبادة ومسؤوليات الحياة ومتطلباتها وقضايا ومسؤوليات الدين والدعوة، وكيف كانت نفسه الشريفة تتسع لكل هذا فصدق فيه قول الله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.
مؤلف كتاب اليوم النبوي
عبد الوهاب بن ناصر الطريري: أستاذ جامعي، ونائب المشرف العام في مؤسسة الإسلام اليوم، تخرج في كلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تخصص علوم السنة النبوية وتولى التدريس في الجامعة نفسها، شغل منصب المشرف العلمي على موقع الإسلام اليوم.
من أشهر مؤلفاته: “الإمام القرطبي ومنهجه في شرح صحيح مسلم”، و”كأنك معه” و”قصص نبوية” و”حديث الغدير”.