المسؤولية والعاطفة
المسؤولية والعاطفة
نحن الآن بصدد أمر أكثر تعقيدًا، وهو مسؤوليتنا عن عواطفنا ومشاعرنا، فهل نحن حقًّا مسؤولون عنها أم لا دخل ولا يد لنا فيها؟
لقد اعتاد الكثير من بيننا التفكير بأن عواطفنا خارج إرادتنا وهو قول يحمل وجهًا من الصحة. نعم لا يد لنا ولا مسؤولية عن عواطفنا التي تكونت في الصغر، لكن ماذا عن الكبر؟
لقد أصبحنا الآن بالغين وناضجين بالقدر الكافي لتفهُّم أن عواطفنا ومشاعرنا تحت إرادتنا ومسؤولية إدارتها تقع علينا نحن.
قد يدور في ذهنك الآن سؤال وهو: كيف ذلك؟ وعليك أن تتخيَّل أن هناك أستاذًا يشرح الدرس وفي أثناء شرحه قام أحد الطلاب وغادر الصف وغضب من الشرح، فكيف سيشعر الأستاذ وكيف سيتصرَّف؟ قد تقول: يشعر بالغضب ويهدِّد التلميذ، وقد يقول آخر: يشعر بالألم والذنب لأن جهوده لم تؤتِ ثمارها، وقد يقول آخرون: يشعر بالشفقة على الطالب وربما يلتمس له العذر بأنه قد يكون يمر بضغوطات قاسية.
وبرغم أن الموقف واحد لم يتغيَّر فقد تختلف ردة فعل المدرس وشعوره بحسب نظرته إلى ذاته ونظرته إلى الأمور، وقد يولِّد سلوك الطالب رد فعل لدى المدرس، لكن المضمون العاطفي والسلوكي لهذه الردَّة يبقى رهنًا لمشاعرك أنت الداخلية وأفكارك الخاصة بصفتك حاضرًا المشهد، وهذا هو القصد من وراء تحمل مسؤولية مشاعرنا وعواطفنا.
لذا تجب معاودة التفكير والنظر في العواطف والمشاعر لفَهم الدوافع والأفكار التي تكمن وراءها حتى لا تلقي بعواقب أفعالك على غيرك، فكما يقولون: إن نمو المرء يبدأ عندما يتوقَّف عن إلقاء اللوم على سواه.
الفكرة من كتاب السعادة تنبع من الداخل
هل السعادة حقًّا في متناول الجميع -كما يقولون- وأن علينا أن نبحث عنها في داخلنا وليس في الخارج، وهل على كلٍّّ منَّا أن يتحمَّل المسؤولية كاملة عن تحقيق سعادته، لذا عندما نبحث عن سعادتنا من خلال الآخرين أو الأشياء نكون في توجُّه خاطئ، فالسعادة التي تستمرُّ لا بدَّ أن تنبع من الداخل؟! أم أنها ليست هدفًا بحدِّ ذاتها، بل هي نتيجة لأمور أخرى نسعى إليها؟
في هذا الكتاب يوضح المؤلف مفهوم السعادة والأسبابَ الكامنة وراء منغِصات الحياة، منتقلًا إلى الحديث عن الإنسان الذي يختبر السعادة في حياته، وما السبيل إلى ذلك.
مؤلف كتاب السعادة تنبع من الداخل
جان باول اليسوعي: كاتب ألماني واسمه الحقيقي يوهان باول فريدريش ريشتر، ولد عام 1763 في فونزيدل، كان ابنًا لأحد المدرسين وعاش في ظروف شديدة الفقر، وتُوفِّي والده مبكرًا، وكان من المفترض أن يدرس جان باول علم اللاهوت في لايبزغ، إلا أنه اتجه إلى الكتابة والتأليف، وبعد فترة إعداد طويلة ورفض دور النشر لأعماله، كتب جان باول أعمالًا جعلته مشهورًا لسنوات قليلة، وأهمها: “سر البقاء في الحب”، و”لماذ أخشى أن أقول لك من أنا”، و”حب بلا شروط”.
وعندما كتب أحب أعماله إلى قلبه “تيتان.. سنوات المراهقة” لم يجد نجاحًا يُذكر، فاعتزل الحياة وعاش على هامشها إلى أن تُوفِّي في الثانية والستين من عمره في عام 1825 في بايرويت.