ما بين الكمال والنمو
ما بين الكمال والنمو
الكمالية محاولة مؤلمة، أما العمل في سبيل النمو فليس كذلك، فالنمو مسيرة متدرِّجة يكتشف فيها الإنسان نفسه ويتعرَّف على قدراته ويحسنها شيئًا فشيئًا بصبر وأناة، ولا يتعجَّل النتائج، أما من ينشد الكمال فيتعجَّل النتائج ويكون محمومًا بها، أما من يعمل على النمو فإنه يعلم أن سبيل السعادة والنمو مسيرة حياة نتدرَّج فيها، ننتقل فيها من خطوة إلى أخرى، ونعايش كل خطوة بكل ما فيها من نتائج سواء كانت ناحجة أم غير ذلك، فكل تجرِبة تزيد من خبراتنا ومعارفنا وإدراكنا، كالقبول بالنجاحات الصغيرة المتتالية، وهذا هو المقصد أن نعيش رحلة نمو نعاين فيها كل الظروف بحلوها ومرها، وألا نقصر قيمتنا وتقديرنا لذواتنا على النتائج والإنجازات، إذ إن النتائج ليست بالضرورة معبِّرة عن السعي، فمن بعد سعي العبد تأتي إرادة الله ومشيئته وتوفيقه، وتدبيره للأمور وتصريفها.
وفي رحلة النمو لن تكون مجبرًا على النجاح ليقبلك الآخرون، بل كن صادقًا مع ذاتك، ولن تشعر بحاجتك إلى اصطحاب حقيبة من الأقنعة تخفي وراءها وجهك وتواري تحتها حقيقتك كلما دعت الظروف خوفًا من ألا تروقهم، فقط سترى ما هو حسنٌ في ذاتك وتطوِّره، وترى ما فيه سوء في نفسك وتقبله وتحاول إصلاحه وتهذيبه.
فإنك في النهاية ما أتيت إلى العالم لتعيش بحسب تطلُّعات الآخرين، ولا هم أتوا إلى العالم ليعيشوا بحسب توقُّعاتك أنت.
الفكرة من كتاب السعادة تنبع من الداخل
هل السعادة حقًّا في متناول الجميع -كما يقولون- وأن علينا أن نبحث عنها في داخلنا وليس في الخارج، وهل على كلٍّّ منَّا أن يتحمَّل المسؤولية كاملة عن تحقيق سعادته، لذا عندما نبحث عن سعادتنا من خلال الآخرين أو الأشياء نكون في توجُّه خاطئ، فالسعادة التي تستمرُّ لا بدَّ أن تنبع من الداخل؟! أم أنها ليست هدفًا بحدِّ ذاتها، بل هي نتيجة لأمور أخرى نسعى إليها؟
في هذا الكتاب يوضح المؤلف مفهوم السعادة والأسبابَ الكامنة وراء منغِصات الحياة، منتقلًا إلى الحديث عن الإنسان الذي يختبر السعادة في حياته، وما السبيل إلى ذلك.
مؤلف كتاب السعادة تنبع من الداخل
جان باول اليسوعي: كاتب ألماني واسمه الحقيقي يوهان باول فريدريش ريشتر، ولد عام 1763 في فونزيدل، كان ابنًا لأحد المدرسين وعاش في ظروف شديدة الفقر، وتُوفِّي والده مبكرًا، وكان من المفترض أن يدرس جان باول علم اللاهوت في لايبزغ، إلا أنه اتجه إلى الكتابة والتأليف، وبعد فترة إعداد طويلة ورفض دور النشر لأعماله، كتب جان باول أعمالًا جعلته مشهورًا لسنوات قليلة، وأهمها: “سر البقاء في الحب”، و”لماذ أخشى أن أقول لك من أنا”، و”حب بلا شروط”.
وعندما كتب أحب أعماله إلى قلبه “تيتان.. سنوات المراهقة” لم يجد نجاحًا يُذكر، فاعتزل الحياة وعاش على هامشها إلى أن تُوفِّي في الثانية والستين من عمره في عام 1825 في بايرويت.