مفاتيح الذاكرة
مفاتيح الذاكرة
الذاكرة أمرها عظيم وعليها مدار نجاة الإنسان ونجاحه في الحياة، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾، فما أدخل النقص على آدم وأوقعه في الخطيئة إلا النسيان الذي أورث ضعف العزيمة والإرادة، وهذا عام في كل بني آدم، والقلب هو محل الذاكرة ومحل الإدراك ومعالجة المعلومات وهو محل الإرادة وإصدار الأوامر ومنه تتشكَّل شخصية الإنسان، فالإنسان ما هو إلا ذاكرة تم تخزين محتوياتها النظرية والعملية مع مرور الوقت منذ السنوات الأولى إلى آخر لحظة من حياته، ولتغيير هذا الإنسان أو صناعته يجب التعديل أو التغيير في هذه الذاكرة، أي القلب.
والعقل عمل القلب كما أن السمع عمل الأذن والبصر عمل العين، فالعقل هو مجموع الذكاء والذاكرة، فذكي دون ذاكرة أحمق، ولو وجد ذو ذاكرة دون ذكاء أو فهم فهو أيضًا أحمق، وبتفاعل الذكاء أي الفهم مع الذاكرة أي الحفظ يتم إصدار الحكم.
إن مفاتيح الذاكرة التالية هي مفاتيح النفس التي تعين على صناعة الإنسان، وذلك لأنها تعمل على ترسيخ المعلومة في القلب، وبالتالي تُسهم في تصحيح مسار الإنسان واتجاهه، من هذه المفاتيح: التكرار، والتكرار ليس له عدد محدد بل له مواعيد محددة، فالمطلوب هو التكرار في كل جلسة أو موعد إلى الإتقان، وذلك لأن الحفظ عرضة للتبخر بعد بضع ثوانٍ بسبب الانشغال ذهنيًّا عما تم حفظه الآن بأمور أخرى وكلما كان المشغل قويًّا كانت فرصة النسيان أكبر، ولهذا السبب تتفاوت قوة الحفظ بين الصغير والكبير وبين المتحمس للحفظ ومن يجاهد نفسه عليه.
من تلك المفاتيح أيضًا: الحب، وهذا هو القانون الأكبر للذاكرة ومتى وجدت الرغبة والاهتمام والحماس لما يراد حفظه وتذكره فيمكنك قطع المسافات الطويلة في وقت قصير، أيضًا التركيز، وهو يعني الإقبال الكامل الكلي على ما يراد تذكره وعدم انشغال الذهن عنه بأمر آخر داخليًّا كان أو خارجيًّا، ومن أقوى التدريبات لهذا المفتاح الصلاة وقراءة القرآن حفظًا، إنهما تدريبان مهمان يكشفان لك عن مستوى قدرتك على التركيز ومدى حاجتك إلى زيادته ورفعه.
ومن ضمن المفاتيح التي تعي على صناعة الإنسان: الجهر والتغني، والجهر يعني رفع طبقة الصوت، أما التغني فهو تلحين الصوت، وذلك لأن الجهر يحقِّق التركيز فيطرد الأفكار والوساوس المتطفلة، أما التغنِّي فهو يولِّد روابط صوتية سمعية تعين على تثبيت الحفظ. فهذه بعض المفاتيح المذكورة التي متى التزم بها الإنسان حفظ ذاكرته وقوَّاها.
الفكرة من كتاب الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان
إن حقيقة النجاح ليست مُقتصرة على المعنى الدنيوي فحسب، بل النجاح الحقيقي هو ما يجمع نجاح الدنيا والآخرة بهدي القُرآن الكريم والسُنّة النبوية، فإن موضوع هذه المسألة هو الأداة التي بُنيَت به أول دولة للإسلام، وذلك لأنها تبني الإنسان أولًا، والإنسان هو الرُكن الأوَّل في دولة الإسلام، ومن خلال هذا الكتاب يُقدِّم لنا الكاتب كيف يُمكن بناء الإنسان وصناعته حتى يصبح خليفةً لله (عز وجل) في الأرض.
مؤلف كتاب الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان
خالد بن عبد الكريم اللاحم: أستاذ القرآن وعلومه المساعد بجامعة الإمام، وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، له عدَّة مؤلفات تحت مشروع بعنوان “خطوات التربية على الحياة”، ومن تلك الكُتب: “مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة”، و”مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله”، و”القراءة بقلب قلب النجاح في الحياة”، وغيرها.