بناء عالم من العلم
بناء عالم من العلم
لعلَّنا اليوم ومع تتبُّع التاريخ نجد أن العالم يسير نحو الاعتماد المتزايد على المعرفة العلمية بطريقة تراكمية، خصوصًا بعد بزوغ نجم الثورة التكنولوجية التي غيَّرت كثيرًا من مفاهيم الحياة المعاصرة، لكن رغم ذلك يظل العالم الطبيعي الذي هو أقرب إلى العالم البدائي نوعًا ما، حاضرًا لا سيما عند حدوث الكوارث الطبيعية أو الحروب المدمِّرة التي من شأنها تعطيل كثيرٍ من أساليب التكنولوجيا التي كانت الأساس الذي قامت عليه المجتمعات الصناعية اليوم، حيث انتشرت الوسائل العلمية الحديثة في شتَّى ميادين الحياة بدايةً من الأنماط الإنتاجية المختلفة والحياة الاجتماعية ووسائل الرفاهية وصولًا إلى استخدامها في الحروب والمعدَّات العسكرية المختلفة.
وتشير تلك الأمثلة بجلاء إلى عملية الترابط الوثيق بين الاكتشافات العلمية والتطبيقات العلمية المختلفة، وعلى ذلك كان الهدف الأسمى هو تطويع النفوذ العلمي لخدمة البشرية، فالتجارب العلمية ليست مفيدة عندما تؤتي ثمارها جرَّاء التطبيق العملي فحسب، ولكنها أيضًا تُسهِم بصورة كبيرة في إنارة العقل البشري ودفعه إلى معالجة الأوضاع الاجتماعية المتغيِّرة داخل أوطانهم المختلفة، مما استدعى ظهور ما يُعرف بالمجتمعات العلمية التي تتركَّز بصورة أساسية في الجامعات والأكاديميات العلمية والمعامل والمراكز والمحطات البحثية المختلفة التي كان إرساؤها ضرورة أساسية لدعم الحركة الإنسانية في عصر النهضة ونشأة عالم العلوم الذي نعرفه اليوم، ورغم هذا التقدم العلمي الحاصل فلا يزال العلم يتتبع كثيرًا من التساؤلات العلمية الجادة لفكِّ شفرة النظام الخاص بالكون، بالإضافة إلى البحث عن إجابات جديدة، في ظل الحقائق العلمية الحديثة لبعض التساؤلات التي كان قد تم طرحها قبل ذلك، في ظل ضيق الأفق عن النظرة الشاملة للحياة الحديثة اليوم، فالتطوُّر العلمي الحديث قد أكسبنا مستوًى مذهلًا من الثراء المادي والفكري.
الفكرة من كتاب الثورة العلمية: مقدِّمة قصيرة جدًّا
لعلَّنا مدينون اليوم للتقدُّم العلمي في شتى ميادين الحياة المختلفة، حيث أصبحت المعرفة العلمية مكوِّنًا أساسيًّا في كثيرٍ من المنتجات الصناعية اليوم، ولكن تلك الثورة العلمية لم تحدث هكذا اتفاقًا! وإنما مرَّت بالعديد من المحطات المهمة التي تراكمت فيها شيئًا فشيئًا حتى وصلت إلى ما نشاهده اليوم، لذلك كان هذا الكتاب مرجعًا سهلًا للولوج إلى المحطات المختلفة للثورة العلمية، وصولًا إلى نشأة المجتمعات العلمية اليوم.
مؤلف كتاب الثورة العلمية: مقدِّمة قصيرة جدًّا
لورنس إم برينسيبيه Lawrence M. Principe: أستاذ علم الإنسانيات وكاتب أمريكي، وُلِدَ في الـ16 من مايو (أيار) عام 1962، حصل على درجتي بكالوريوس في جامعة ديلاوير (بكالوريوس دراسات ليبرالية، 1983؛ بكالوريوس في الكيمياء، 1983)، وعمل عقب تخرُّجه على مشاريع علمية في جامعة إنديانا (دكتوراه كيمياء عضوية، 1988)، وفي جامعة جونز هوبكنز (دكتوراه تاريخ العلم، 1996)، وهو الآن أستاذ العلوم الإنسانية في جامعة جونز هوبكينز في قسم تاريخ العلوم والتكنولوجيا وقسم الكيمياء، ومدير مركز تشارلز سينجلتون لدراسة أوروبا الحديثة، وهو مركز متعدِّد التخصصات للأبحاث في جامعة جونز هوبكينز.
من مؤلفاته: “أسرار الكيمياء”، و”روايات جديدة في كيمياء القرن الثامن عشر”، و”الخبير الطموح: روبرت بويل وسعيه الكيميائي”.