مدخلٌ إلى المشكلة
مدخلٌ إلى المشكلة
تعدُّ مشكلة الشر أهم شبهة يعترض بها الملاحدة على وجود الله؛ فهي مادة النقاش الأولى بين الملاحدة والمؤمنين، بل إن البعض يعدها الحجة المركزية لدى الملحدين، وقد صرح أنتوني فلو -وكان ملحدًا سابقًا وأهم منظِّري الإلحاد- بأن هذه الشبهة هي سبب إلحادهم وجحدهم وجود الخالق، وتتميز هذه المشكلة بأنها فلسفية شعبوية ومتكررة على مر العصور، وخلاصتها أن وجود الشر في العالم يتنافى مع كون الخالق عليمًا لأن علمه يقتضي منع الشر، ويتنافى مع كونه قديرًا لأن قدرته تقتضي منع حدوث الشر، ويتنافى مع كونه رحيمًا لأن رحمته تقتضي منع الشر، ومن ثَمَّ فإن وجود الشر يتنافى مع وجود الإله!
إن أحد أهم عوامل انتشار هذه الشبهة هو تمركز الحياة الدنيا ومتعها لدى كثير من الناس، فتحول سؤال الإنسان بعد عصر التنوير وشيوع الحداثة من “لماذا أعيش؟” إلى “كيف أعيش؟”، فعندما أخذت اللذة مكانة مركزية في حياة الإنسان المعاصرة، وفُقدت الغاية من الحياة؛ صار كل ما ينغِّصها نشازًا، تجب إزالته بأي سبيل، وإن كان ذلك بالتعالي والتكبر بإنكار وجود الخالق.
والجواب عن سؤال الشر أخذ أشكالًا متعددة، فمن الناس من نفى وجود الشر مطلقًا واعتبره مجرد وهم، ومنهم من اعتبره سرًّا غامضًا لا يمكن للإنسان إدراكه، وعلى الجهة المقابلة منهم من اعتبر أن جميع أحداث الكون من خير وشر معلومة مفسرة، فما هي إلا مجرد تفاعلات ومعادلات يمكن للعلم إدراكها، ومنهم من اعتبر أن جواب الشر لا يكون بوجه واحد وإنما قد تكون له أسباب لا يعلمها إلا الله.
الفكرة من كتاب مشكلة الشر ووجود الله
لقد أصبح الإلحاد ظاهرة موجودة وتحدِّيًا واقعًا، وليست محاربته بمجرد التنفير منه بوسيلة مجدية، وإنما يجب التصدي له بردود علمية وبراهين قاطعة، ولأن مشكلة الشر من أبرز شبهاته؛ فإن هذا الكتاب يعرضها من خلال التأصيل لها ببيان معنى الشر وماهيته، وبيان أنواع الشر الموجود في الكون وتقديم إجابة عن كل نوع، وهذا كله طبقًا للعقيدة الإسلامية.
مؤلف كتاب مشكلة الشر ووجود الله
سامي عامري: مؤلف وباحث تونسي، حاصل على الدكتوراه في مقارنة الأديان، ومهتم بمناقشة قضايا الفكر والإلحاد والمذاهب الفكرية المعاصرة.
له عدد من المؤلفات منها: “براهين وجود الله” و”براهين النبوة” و”فمن خلق الله!”.