عالم الأفكار ودوره في تغيير الأفعال
عالم الأفكار ودوره في تغيير الأفعال
هناك نوعان من التغيير؛ تغيير الأفعال مباشرةً وما يصدر عن الإنسان أو التغيير في عالم الأفكار، تغيير الأفعال يتميز بقِصر المدة وصنع فروقات سريعة لكنها ليست استمرارية، أما تغيير الأفكار فنتائجه بطيئة لكنها تستمر طويلًا، فعالم الأفكار هو الذي يمثل دوائر التأثير الحقيقية التي يجب أن يسعى إليها صناع القرار في العالم الإسلامي.
وهناك طرق عدة للتعامل مع الأفكار يجب أن يتبعها المؤثِّر حتى يحصل على نتائج فعالة، منها تجنُّب الحجر على الآراء أو التهوين من أفكار الآخرين، ولا بدَّ من تجنُّب التضليل والتهويل والتخويف وما إلى ذلك من مؤثرات نفسية لأن تلك الطرق السلبية والتعاملات الخاطئة تشكل لُبَّ الأزمات التي يعيشها المجتمع اليوم.
يتنوَّع عالم الأفكار بمحتواه الثري الخيِّر أو الشرير فيحتوي على الأفكار الخيالية غير الواقعية، أو الأفكار الاستبدادية التي تدفع الإنسان للتسلط على الآخرين، أو الأفكار الطوباوية التي لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، ومن هنا لكي تُحدِث تغييرًا في ذلك العالم يجب أن تختار الطريقة الملائمة للتعامل مع كل نوع من الأفكار الفاسدة التي تواجهك كمؤثِّر وتسيطر على مجموع الناس، وبعد ذلك ستجد تأثيرك في تغيير ذلك العالم وما به من شرور بملاحظة المناهج التي يتبنَّاها المجتمع مستقبلًا فتكون تلك السلوكيات دليلًا مرشدًا لما حدث من تغيير على مستوى فكرهم وثقافتهم.
من مظاهر ابتلاءات الله للإنسان وجود الشر في كل مكان، بل إنه في ازدياد وكلما زادت المادية والتحضر اتسعت رقعة الشر والخير معًا، لكن للأسف الخير يتطلَّب مجهودًا لتعثر عليه بينما ستجد الشر أو سيجدك الشر أينما كنت. وقد انتشرت الشرور في المجتمعات الإسلامية بسبب ثقافة حب الدنيا التي أصبحت مسيطرة على قلوب المسلمين، مثل ضعف التربية الأسرية وضعف الجانب الإيماني الروحي، وتفشي الجهل والأمية والفقر، وما يقابل ذلك كله من وهنٍ شديد في القوانين.
وكانت تجارِب الذين سبقونا في تعاملهم مع الشر وطرقهم لمحاصرته أغلبها بالتخويف والتعنيف، ولا شك أن ذلك الأسلوب أحدث نتائج جيدة نسبيًّا، لكن في ظل تلك الأجيال الجديدة الناشئة هذا الأسلوب وحده لن يفيد، بل تجب إضافته إلى التربية الجيدة والتعليم المستمر حتى لا تكون أجيالنا بشخصيتين مظهرها حسن وجوهرها رديء.
الفكرة من كتاب محاصرة الشرور
يتناول الكاتب الشرور التي تحاصر المجتمع الإسلامي وتهدِّد ذاته وهوية أبنائه، وما فعلته الحضارة الغربية المادية بعقول المسلمين ويفصِّل الكاتب آثار تلك الحضارة في العالم الإسلامي اليوم، ويذكر ما يناسبنا وما لا يناسبنا ويرسم حلولًا لكل مواجهة من المواجهات التي يتعرَّض لها المجتمع، كما يولي التربية والتنشئة السليمة اهتمامًا شديدًا كمحور أساسي لأي تغيير.
مؤلف كتاب محاصرة الشرور
عبد الكريم بكار: مؤلف سوري، حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، تركَّزت مسيرته على تدريس اللغويات ومشتقاتها من أصوات لغوية ولهجات عربية ونحو وصرف وقراءات قرآنية.
يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، ويسعى إلى تقديم طرح جديد لمختلف القضايا ذات العلاقة بالحضارة الإسلامية وقضايا النهضة والعمل الدعوي، ومن أشهر كتبه: “مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”فصول في التفكير الموضوعي”.