الابتلاء الرحيم!
الابتلاء الرحيم!
يأتي سائل فيسأل: لماذا توجد الأقدار المؤلمة، والابتلاءات الشديدة التي تتنافى ظاهرًا مع مظاهر الرحمة الإلهية بالناس؟ وقد يكون لهذا السؤال محلُّه إن كانت الدنيا هي دار النعيم الأبدي، ولكن الدنيا ليست كذلك، فهي دار اختبار، يؤدي كل من عليها امتحانًا في مدى عبوديته لربه، يقول تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلًا﴾، فإن العطاء ليس دليل كرامة من الله للعبد، والمنع ليس دليل إهانة، بل كلاهما مواد اختبار.
فإن سأل مرة أخرى: ولماذا لا يمتحن الناس جميعًا في مادة العطاء؟ لو كان الجميع في صحة وعافية ما استشعر الناس قيمة هذه النعم، وما انكشف المتواضع من المتكبر، ولا الشاكر من الجاحد، ومن ناحية أخرى فإن الله (عز وجل) يبسط الرزق أو يمنعه عن عباده حسب ما يصلحهم، وبحسب حالتهم التي لا يعلمها سواه.
ومن فوائد الابتلاء أن الله (عز وجل) يبتلي عباده ليذكِّرهم به، وبضرورة العودة إليه، يقول تعالى: ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، فيبتلي سبحانه عباده ليطهِّرهم من ذنوبهم في الدنيا، أما عن ابتلاء العباد الطائعين لربهم فيريد سبحانه أن يكافئهم برفع درجاتهم في الجنة، فكان الابتلاء وسيلة يستخرج الله (عز وجل) من قلوب هؤلاء ألوانًا من العبودية من ذل وانكسار وفقر واضطرار ما كانت لتخرج من قلوبهم إلا من خلال هذا الابتلاء.
ومن المظاهر العجيبة للرحمة الإلهية ابتلاؤه لعباده بالذنب والحرمان من الطاعة، فيستشعرون وقتها مدى فضل ربهم عليهم، وأنهم به لا بأنفسهم، وأنه لو تخلَّى عنهم طرفة عين لهلكوا ولضلوا، وفي المقابل لو استمر إمدادهم بالتوفيق والإعانة اللازمة للقيام بالطاعة، وترك المعصية، فمن المتوقع أن يتسرب إلى نفوسهم داء العُجب، فتكون هذه الطاعات سببًا في تكبُّرهم، ومن ثمَّ استدعائهم لغضب الله وعقابه المُستحق للمتكبِّرين.
الفكرة من كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
إن الحب جزء أصيل من مشاعر الإنسان، وهو معاملة قلبية يشعر من خلالها المرء بميله وانجذابه إلى الآخر، ومع وجود قدر من حب الله في القلب إلا أن هناك شواغل تشوِّش عليه وتنازعه المكان مثل حب المال والزوجة والأولاد وغير ذلك، وليس المعنى هو تجريد مشاعر الحب من هذه الأمور، بل المطلوب أن يكون حب الله أكبر منها جميعًا، وإن من أعظم الوسائل لزيادة محبة الله في قلوبنا هو معرفته معرفة مؤثِّرة، لذا يسير بنا الكاتب في رحلة عن أهمية المحبة وثمارها ونقطة البداية لرحلة المحبة مع ذكر بعض الوسائل العملية التي من شأنها أن تسير بالإنسان قُدمًا في طريق حب الله (عز وجل).
مؤلف كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية، التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم”، و”حطِّم صنمك”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به”، و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.