الإسلام كحل
الإسلام كحل
بعد كل هذا التخبُّط يقارن الكاتب بين نموذجين، النموذج الأول هو نموذج “بودورتز” وهو امتداد طبيعي للواقع الأمريكي، فجنة بودورتز هي تجلٍّ لحالة النفعية البراجماتية، لا شيء على الإطلاق مهم غير النجاح، لا قيم ولا أخلاق، لا شيء متجاوز، وكل ما هنالك هو النموذج المصلحي الذرائعي، فالنجاح عنده هو المحدد الأهم، والمال هو أهم ما يحتاج إليه المرء في حياته، والمكانة الاجتماعية هي كل المنى والمراد.
وعلى الجانب الآخر هناك نموذج للمسلم المناضل “مالكوم إكس”، فترى كيف استطاع التحرر من الوهم الفردوسي الأرضي، ليجد في نهاية المطاف جنته في قلبه، ولا يرد الاضطهاد باضطهاد مماثل، ولا يرد العنصرية بعنصرية أخرى، إنما هو تجلٍّ حقيقي للإيمان الصادق الذي يخبرنا أنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وأن الناس جميعًا سواسية كأسنان المشط.
ويبدو أن هذا النموذج لن يؤثر في المحيطين فيه وحسب، بل أثر في كاتبنا نفسه، فهو يرى أن مالكوم كان طريقه إلى الإسلام بشكل أو بآخر، وهذا شيء طبيعي كذلك، فالإسلام هو دين الفطرة والطبيعة البشرية النقية، إذ يؤمن بإله متجاوز يسيطر ويهيمن ويتبعه المسلمون حبًّا وخوفًا وطمعًا.
الفكرة من كتاب الفردوس الأرضي
للدكتور عبد الوهاب المسيري فلسفة متكاملة في كل كتبه وأطروحاته، تمثل هذه الكتب القيِّمة صندوقًا مغلقًا يصعب الولوج إليه بغير المفتاح والمدخل، فهذا الكتاب بمثابة المدخل إلى كل كتب المسيري، أما باقي كتبه فهي بلورة لهذه المعاني التي تجلَّت له في هذا الكتاب، فهو يلقي الضوء على مرحلة فارقة في حياة كاتبه، واصفًا انتقاله من النموذج المادي إلى الإنسانية والإسلام.
يرفض المؤلف في هذا الكتاب النموذج الغربي المادي الذي يحاول تحقيق الفردوس الأرضي فيحول الأرض كلها جحيمًا تحت قدميه، ويتحدث المسيري كذلك عن مدخله للإسلام عبر مالكوم إكس الشخص الذي أدرك أن فردوسه في الحياة الدنيا هو فردوسه القلبي الإيماني.
مؤلف كتاب الفردوس الأرضي
عبد الوهاب المسيري: مفكر وكاتب مصري، يعد أحد أهم أعلام القرن العشرين، ولد في أكتوبر عام 1938 في مدينة دمنهور، وتُوفِّي في الثالث من يوليو عام 2008، تخرَّج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ثم سافر ليحصل على الماجستير من جامعة كولومبيا، وحصل على الدكتوراه من جامعة روتجرز بالولايات المتحدة الأمريكية، وعندما عاد إلى مصر درَّس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود، وكان مستشارًا ثقافيًّا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية.
صدر له العديد من المؤلفات وعشرات الدراسات والمقالات، من أبرز كتبه: “الفردوس الأرضي” و”رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمار” و”دراسات معرفية في الحداثة الغربية” و”العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة”.