الأسرة في المجتمعات الغربية
الأسرة في المجتمعات الغربية
يقارن كاتبنا بين النموذجين الأمريكي والمصري في عبارات لطيفة يُسقِطها على الواقع، فيتحدث عن الطعام المصري ومدى تعقُّده بالنسبة إلى النظام الأمريكي، فالوجبة المصرية هي وجبة أسهم التاريخ في ظهورها، فالكوسا المسلوقة تقدم للمرضى، أما الأصحاء فيأكلونها بالبشاميل، أو محشية بالأرز أو باللحم المفروم، وقد تقدم مطبوخة بالصلصة والسمن البلدي.
أما النموذج الأمريكي فهو نموذج بسيط جدًّا، ليس له هوية، وقل مثل ذلك في النموذج الأسري، فالأمريكي حين ينظر إلى امرأة فلا يراها أي شيء غير امرأة، أي بمفهوم الأسرة النووية لا الأسرة الممتدة، فالأسرة النووية هي أسرة تتكون من الزوج والزوجة والأولاد حتى يصلوا إلى سن ثماني عشرة سنة وفقط.
وفي كثير من الأحيان لا يقدر كبار السن على العيش في بيوت مستقلة، مما يضطرهم للذهاب إلى بيوت العجزة التي لا تعرفها بلداننا، أما المصري حين يريد الزواج فهو يرى امرأة وطبقة اجتماعية وتاريخًا طويلًا، والزواج يتم وَفقًا للعادات والتقاليد والدين، والمصري يحفظ علاقاته بأمه وأبيه وأخيه وأم زوجته وأبيها وأخيها كما هي، فهذه كلها العائلة، ولو أراد الزوجان الطلاق الذي هو أبغض الحلال، فإن المجتمع يحاول التدخل بكل ما أوتي من قوة ليحل الخلافات ويعيدهما مرة أخرى إلى عش الزوجية، فالبعد التاريخي المصري ضارب في القدم على عكس النموذج الأمريكي!
الفكرة من كتاب الفردوس الأرضي
للدكتور عبد الوهاب المسيري فلسفة متكاملة في كل كتبه وأطروحاته، تمثل هذه الكتب القيِّمة صندوقًا مغلقًا يصعب الولوج إليه بغير المفتاح والمدخل، فهذا الكتاب بمثابة المدخل إلى كل كتب المسيري، أما باقي كتبه فهي بلورة لهذه المعاني التي تجلَّت له في هذا الكتاب، فهو يلقي الضوء على مرحلة فارقة في حياة كاتبه، واصفًا انتقاله من النموذج المادي إلى الإنسانية والإسلام.
يرفض المؤلف في هذا الكتاب النموذج الغربي المادي الذي يحاول تحقيق الفردوس الأرضي فيحول الأرض كلها جحيمًا تحت قدميه، ويتحدث المسيري كذلك عن مدخله للإسلام عبر مالكوم إكس الشخص الذي أدرك أن فردوسه في الحياة الدنيا هو فردوسه القلبي الإيماني.
مؤلف كتاب الفردوس الأرضي
عبد الوهاب المسيري: مفكر وكاتب مصري، يعد أحد أهم أعلام القرن العشرين، ولد في أكتوبر عام 1938 في مدينة دمنهور، وتُوفِّي في الثالث من يوليو عام 2008، تخرَّج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ثم سافر ليحصل على الماجستير من جامعة كولومبيا، وحصل على الدكتوراه من جامعة روتجرز بالولايات المتحدة الأمريكية، وعندما عاد إلى مصر درَّس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود، وكان مستشارًا ثقافيًّا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية.
صدر له العديد من المؤلفات وعشرات الدراسات والمقالات، من أبرز كتبه: “الفردوس الأرضي” و”رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمار” و”دراسات معرفية في الحداثة الغربية” و”العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة”.