حال أم المؤمنين بعد وفاة النبي
حال أم المؤمنين بعد وفاة النبي
توفي ﷺ في حجرة عائشة ودُفِن بالمكان الذي كان ينام فيه، ومن شدة الجوع وتعاظم الخطب أن تمتلك صبرها وهو يموت بين سحرها ونحرها، وهول الساعة والموقف الذي لا يهون وداع مثله، وفي ذلك تقول حاكية عن نفسها: “فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله قبض وهو في حجري، فوضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم مع النساء في وأضرب وجهي”، وبعد ذلك اتخذت سكنها في الحجرة المجاورة لقبره، وبعد سنوات دفن أبوها إلى جواره، فلما دفن معهما عمر أخذت تلبس الحجاب وتنتقب وهي في حضرتهم وكأنهم أحياء،.
بعد أن عاشت مع النبي قرابة عشر سنوات وعاشت على ذكراه زهاء خمسين سنة توفيت وهي في نحو السبعين من عمرها ليلة الثلاثاء لسبعة عشرة من رمضان سنة ثمانٍٍ وخمسين، وقيل سنة سبع وخمسين ودفنت بالبقيع كما أوصت (رضي الله عنها)، أما حياتها في تلك الفترة من بعد وفاته فلم تعرف الفراغ، وكيف بمثلها أن تعرفه وقد نشأت هذه النشأة الكريمة.
فكانت هي المرجع الأول فيما حفظ عندها من آيات القرآن الكريم وما حفظته من السنن والأحاديث وما روت عن أحواله و عاداته وعباداته ﷺ، وغير ذلك من جواب السائلين، ثم إذا فرغت تأوي إلى الصلاة والتسبيح في جوار قبره أو تعمل في مهنة البيت، وشهدت خلافة أبي بكر وعمر وهي لم تشعر بتغير في مكانتها التي كانت في عهد النبي، فقد كانت الأمور في عهدي أبي بكر وعمر تهدأ ثم تستقر، وفي خلافة عثمان تغيرت هذه الحالة فعبرت عن رفضها لسياسة حاشية عثمان وأفعالهم.
الفكرة من كتاب الصديقة بنت الصديق
يتناول هذا الكتاب سيرة سيدة من سيدات بيت النبوة وهي أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، يستهله المؤلف بمقدمة عن صورة المرأة في العصر الجاهلي ووضعها في ذلك الوقت، ثم ينتقل إلى حياة أم المؤمنين عن قرب وملامح شخصيتها وأبرز محطات حياتها منذ الصغر ونشأتها في بيت أبي بكر الصديق، حتى زواجها من النبي ﷺ، يستعرض فيه عدة مواقف وأحداثًا متفرقة من حياتها قبل وبعد الزواج، وأحوالها كزوجة لخير الخلق أجمعين ومواقفها معه، وكيف كانت أحب النساء إليه ودورها في حفظ وخدمة سنة الرسول الكريم بعد وفاته، ويختتمه بالحديث عن حقوق المرأة بين المساواة والإنصاف، نجد في سيرتها قدوة حسنة تقتدي بها كل امرأة ومثلًا من أمثلة الأنوثة الخالدة على مر العصور.
مؤلف كتاب الصديقة بنت الصديق
عباس محمود العقاد: كاتب ومفكر ومؤرخ مصري، ولد بأسوان عام 1889، لُقِّب بالعقاد نسبة إلى جده الذي كان يعمل بأحد مصانع الحرير، لم يحصل من الشهادات إلا على التعليم الابتدائي، ولكن ظهر نبوغه في مجالات مختلفة بسبب عكوفه على القراءة والتثقيف الذاتي، فكان يكتب في السياسة والفلسفة والأدب والنقد والشعر وتراجم الأعلام ومشاهير الفكر.
وقد نال عضوية مجمع اللغة العربية، وكان عُضْوًا مُراسِلًا للمجمع ببغداد ودمشق، كما منحته جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية، ولكنه رفضها مثل جائزة الدولة التقديرية، وأسَّس مع المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة “الديوان”، وله الكثير من المؤلفات جاوزت المائة، أشهرها سيرته الذاتية “أنا” وسلسلة “العبقريات” و”التفكير فريضة إسلامية” وغيرها، وله رواية واحدة فقط هي “سارة”.