الحياة بإيقاع مختلف

الحياة بإيقاع مختلف
إن الإيقاع الذي يتحكم في أنماط نومنا هو إيقاع الـ24 ساعة أو ما يُعرف بالساعة البيولوجية، وفي ما مضى كان يُعتقد أن الشمس هي السبب الوحيد لجعل الإيقاع يعمل بشكل طبيعي، ولكن مع كثرة التجارب اكتشفت مؤثرات أخرى تقدم إيقاعنا الحيوي أو تؤخره تسمى “Zeitgebers”، وتعنى مانحي الإحساس بالوقت مثل: حرارة الجسم، والمجهود البدني، والأكل، والأهم الضوء، الذي تُنقل إشاراته عن طريق الخلايا العُقدية وتصل إلى النواة فوق التصالبية في المخ، التي هي بمنزلة غرفة التحكم في إيقاعات الساعات البيولوجية في أنحاء الجسم.
وتنظيم إيقاع الساعة البيولوجية إلى “الإيقاع الصباحي” أو الإيقاع المسائي” المعروف بـ”الطائر الصباحي” أو “بومة الليل” يرجع إلى التفضيل الشخصي الذي يتوافق مع متطلبات حياة كل شخص، وتتمثل المشكلة في حدوث اضطراب في نظام النوم يؤثر سلبًا في سير الحياة، ومن أمثلة هذه الاضطرابات «متلازمة تأخر مرحلة النوم» التي هي أقرب إلى إيقاع «بومة الليل» لكن بإيقاع متأخر جدًّا، و«متلازمة تقدم مرحلة النوم» التي يذهب المصاب بها إلى النوم في وقت مبكر أول المساء، ويستيقظ في وقت مبكر جدًّا في الصباح، وهي نادرة الحدوث إذ تحدث نتيجة طفرة في أحد جينات الإيقاع الحيوي المسمى PER، بالإضافة إلى طفرة في جين DEC2، اللذين يزيدان من فترة الاستيقاظ ويقللان كمية النوم التي يحتاج إليها الجسم.
وهناك اضطراب يُعرف «باضطراب النوم والاستيقاظ اللا يومي»، يختلف موعد نوم المرء فيه كل يوم ولا يتوافق مع العالم الخارجي إلا في أيام قليلة جدًّا، ففي هذا الاضطراب لا يكون إيقاع الساعة البيولوجية 24 ساعة بل 25 ساعة، ويحدث هذا نتيجة أن النواة فوق التصالبية لا تتأثر بمانحي الإحساس بالوقت التي تجعل الساعة متزامنة مع العالم الخارجي، وتكمن مشكلة اختلال إيقاع المخ ودورات الـ 24 ساعة في أنها تزيد من فرصة الإصابة بأمراض السكر والسمنة، والإصابة بالسرطان الذي يحدث نتيجة نقص إفراز الميلاتونين من الغدة الصنوبرية، ومن ثم عدم القدرة على امتصاص السموم الناتجة عن أيض الأكسجين فتُسبب تدمير DNA، ويلجأ المختصون بعلاج هذه الاضطرابات إلى إعطاء المصابين الميلاتونين، وتعرضهم لضوء ساطع للغاية باستخدام صندوق الضوء العلاجي، لتحفيز الإيقاع الحيوي وإبقائهم مدة أطول في مساحة التزامن مع العالم الخارجي.
الفكرة من كتاب “الدماغ الليلي: الكوابيس، علم الأعصاب، وعالم النوم السري
بعد يومٍ شاق مليء بالعمل كل ما نفكر به عندما نعود إلى المنزل أن نحظى بقسط من النوم الهادئ نجدد به نشاطنا لاستقبال يوم جديد، ولكن بعض الأشخاص رغم رغبتهم الشديدة بالنوم فإنهم وبسبب حدوث خلل في مراحل نومهم لا يقضون ليلتهم بشكل هادئ، بل إن بعضهم لا يعرفون سببًا لعدم قدرتهم على النوم أو أن جودته نومهم سيئة، ولهذا فإن هذا الكتاب يستعرض اضطرابات النوم الشائعة التي قد يعاني منها بعضنا، ويذكر طُرق التعامل معها، والتقليل من حدوثها.
مؤلف كتاب “الدماغ الليلي: الكوابيس، علم الأعصاب، وعالم النوم السري
جاي لشزينر: أستاذ علم الأعصاب وطب النوم في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في كينغز كوليدج لندن «King’s College London»، كما أنه استشاري في مستشفيات غاي وسانت توماس «Guy’s and St Thomas’ Hospitals» ومستشفيات أخرى، دَرَسَ الطب في كلية ماجدالين «Magdalen College» بجامعة أكسفورد والكلية الإمبراطورية «Imperial College» في سانت ماري، وأكمل الدكتواه في علم وراثة الصرع وإدارة الأدوية في إمبريال كوليدج لندن «Imperial College London» ومعهد ويلكوم ترست سانجر «Wellcome Trust Sanger Institute» في كامبريدج.
كان يقود مركز اضطرابات النوم بمستشفى جاي «Guy’s Hospital» الذي يقدم أكبر خدمات النوم في أوربا، إضافة إلى تقديمه سلسلة “أسرار النوم” على راديو BBC 4 وBBC World Services، ومن مؤلفاته:
The Man Who Tasted Words: A Neurologist Explores the Strange and Startling World of Our Senses
Seven Deadly Sins: The Biology of Being Human
معلومات عن المترجم:
داليا هشام سباعي: طبيبة نفسية ومترجمة، تخرجت في كلية الطب بجامعة القاهرة، وتكتب مقالات في منصة «Sasa Post»، ومهتمة بترجمة كتب الصحة النفسية وتطوير الذات، ومنها كتاب: «فن احتواء الذات: دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخلية».





