تغيير مفهوم القباحة

تغيير مفهوم القباحة
في العصور الوسطى ومع التغيرات الثقافية، ظهرت على خلفية العالم الإسلامي تقاليد لتقبيح الجميل وتجميل القبيح، وقدم الأدب عديدًا من النماذج التي حاربت المفهوم التقليدي للقباحة، إذ كتب الجَاحِظ “ليس من المهم أن يكون الشيء مستقيمًا أو أعوج، ولكن أن يكون مناسبًا نافعًا”، فعديد من الأشياء الملتوية ستصبح ضارة أو عديمة الفائدة إن أصبحت مستقيمة، كالأضلاع، والهلال، والمناقير، والأنياب، وفي عصر النهضة الأوربية حَرَّف ويليام شكسبير مفهوم الجمال والقباحة السائدين، وكتب: “عينا حبيبتي لا تشبهان الشمس، ومع ذلك أعتقد أنها رائعة كأية امرأة أخرى شوهتها المقارنات المتكلفة”.
وألف ويليام هاي || William Hay، الذي كان عضوًا في البرلمان ومن الشخصيات التي لا تخشى تشوهها، مقالًا عن التشوه رفض فيه ربط جسده المشوه بأخلاقه ونقاء روحه، ورأى أن المسخ الحقيقي مسخ الثقافة، والشخص القبيح يُرى جميلًا من خلال رؤيته من وجهة نظر أخرى، وبالنسبة إلى العالم كانت باسترانا وطفلها أشياء يمكن جعلها ترقص وتغني، مما يثير في أنفسهم الاستمتاع والخوف والتقزز في آن واحد، أما بالنسبة إلى القلائل الذين عرفوها عن قرب، فقد كانت إنسانة طيبة حساسة، وحزينة لأنها عوملت بناءً على مظهرها الخارجي، لا شخصيتها.
وانفتح مفهوم القباحة على قراءات بديلة، إذ شجع مسلسل بتي القبيحة ugly betty الناس على أن يكونوا قبيحين، وأُنشئت نوادي القباحة التي مدحت القباحة وتهكمت على الجمال، كنادي ليفربول المسمى “نادي الوجه القبيح Ugly face club”، وتنتشر معارض الفنون والمهرجانات التي تستضيف القباحة حول العالم، وغيرها من المجهودات التي تنادي بالحكم على الأشخاص بعيدًا عن المفاهيم الثقافية الموروثة، وتدعو إلى إعادة تقييم الأنماط السلوكية القبيحة، وترك المجال للاختلاف، فالقباحة تدعم التنوع، وتزيل الخوف الذي يقبح الفروقات الجميلة في الشكل والدين والثقافة ككل.
الفكرة من كتاب التاريخ الثقافي للقباحة
أحيانًا تراودك تساؤلات حول معايير الجمال في المجتمع، وتتساءل “ما الذي يجعل تلك الممثلة مشهورة ومحبوبة من قبل الجماهير على الرغم من ضآلة موهبتها؟ ولماذا هذا العدد الضخم من المشاهدات لمقاطع اليوتيوب الرافعة رايات القبح؟” فهل توجد سمة مشتركة تجمع بين هؤلاء؟
في الواقع نعم، إنه المفهوم المجتمعي للجمال والقبح، الذي تتبدل استعمالاته باختلاف الثقافة والزمان والمكان، ويناقش هذا الكتاب القباحة بصفتها مفهومًا فلسفيًّا يمتد عبر العصور، ويطرح نماذج تاريخية مثلت القباحة، كوحش فرانكشتاين، وموسيقى الجاز، والعمارة الوحشية، وقوانين القباحة التي طُبقت على المشوهين، وجوليا باسترانا || Julia Pastrana التي وُصمت في عصرها بأقبح امرأة في العالم.
مؤلف كتاب التاريخ الثقافي للقباحة
جريتش إي هندرسُن: كاتبة أمريكية من مواليد سان فرانسيسكو، ومحاضرة باللغة الإنجليزية في جامعة جورج تاون Georgetown University، وباحثة في تاريخ الفن في كلية كينيون Kenyon College، ومن أهم مؤلفاتها:
Life in the Tar Seeps: A Spiraling Ecology from a Dying Sea
On Marvellous Things Heard
معلومات عن المترجم:
د. رشا صادق: ترجمت عديدًا من الكتب، منها:
من كتبي: اعترافات قارئة عادية.
في البحث عن الزمن: رحلات في بعد مدهش.
من طبخت العشاء الأخير: تاريخ العالم كما ترويه النساء.





