الممارسات المتخذة بحق الجماعات القبيحة

الممارسات المتخذة بحق الجماعات القبيحة
قد يكون تصنيف بعض المجموعات بـ”القبيحة” عاملًا عازلًا يحولهم عن العالم، إذ نتج عن المخاوف الثقافية إدانة القبيحين واستعبادهم والاتجار بهم واستعمارهم، واتخاذ إجراءات تطهيرية ضدهم. على سبيل المثال، أقام البابليون مزادات يحصل فيها من يدفع أقل على عروس قبيحة، وتبعًا للقانون كان الأهالي في إسبارطة مجبرين على قتل المواليد المشوهين، وكانت أعضاء الجسد المشوهه تُبتر، وأي شخص يخفي عاهته يتعرض لتبعات قانونية.
وفي القرن الثاني عشر قُتل أقبح شخص في المدينة ليتخلص أهلها من غضب الآلهة وما يصاحبه من مجاعات وأمراض، وفي القرن الثامن عشر أُلقي المشوهون إلى الوحوش لا لشيء سوى أنهم مختلفون، وفي روما القديمة أدى الطلب المتزايد على العبيد المشوهين للتسلية والتجارة إلى تشويه الأفراد عمدًا، وأدان القضاة الشامات واعتبروها دليلًا على الشعوذة، إلى أن أصبحت أي بقعة جسدية سببًا للعقاب.
وقبل عقود من الحرب العالمية الأولى اعتُبرت القباحة سببًا للاستثناء من التجنيد في الجيش الفرنسي، وفي خلال الحرب العالمية الأولى عام 1890م أصيب الجنود بإصابات في الوجه حولتهم إلى مشوهين، ومن ثم طُليت مقاعد المشفى المخصص للجنود باللون الأزرق لتنبيه بقية السكان أن رؤية الجالسين عليها تسبب الضيق، وعُزل مصابو الأوجه عن بقية الأجنحة، وصُممت أقنعة تغطي وجوههم.
وكان الأطفال في القرنين التاسع عشر والعشرين واعين لواقع أن المواطن غير الأبيض في المجتمع الأمريكي يحصل على مرتبة اجتماعية أدنى، ومن ثم سعت الفتيات نحو البشرة الفاتحة بواسطة مستحضرات وعمليات التجميل، وفي القرن العشرين ظهرت عواقب التعصب العنصري، إذ وصف أغلبية الأطفال الأفرو-أمريكيون الدمى السوداء أنها قبيحة والدمى البيضاء أنها جميلة.
وحول العالم تزداد سنويًّا نسبة الانتحار الناجمة عن التنمر، وشقَّ التمييز على أساس القباحة طريقه إلى أماكن العمل، إذ تلقى الموظفون أصحاب المظهر الأجمل معاملة ورواتب أفضل، ومُيزت القباحة وفقًا للحواس، سواء بصريًّا أم عن طريق الأصوات والروائح والطعوم والملمس، وقُيمت في سياقات ثقافية مختلفة.
الفكرة من كتاب التاريخ الثقافي للقباحة
أحيانًا تراودك تساؤلات حول معايير الجمال في المجتمع، وتتساءل “ما الذي يجعل تلك الممثلة مشهورة ومحبوبة من قبل الجماهير على الرغم من ضآلة موهبتها؟ ولماذا هذا العدد الضخم من المشاهدات لمقاطع اليوتيوب الرافعة رايات القبح؟” فهل توجد سمة مشتركة تجمع بين هؤلاء؟
في الواقع نعم، إنه المفهوم المجتمعي للجمال والقبح، الذي تتبدل استعمالاته باختلاف الثقافة والزمان والمكان، ويناقش هذا الكتاب القباحة بصفتها مفهومًا فلسفيًّا يمتد عبر العصور، ويطرح نماذج تاريخية مثلت القباحة، كوحش فرانكشتاين، وموسيقى الجاز، والعمارة الوحشية، وقوانين القباحة التي طُبقت على المشوهين، وجوليا باسترانا || Julia Pastrana التي وُصمت في عصرها بأقبح امرأة في العالم.
مؤلف كتاب التاريخ الثقافي للقباحة
جريتش إي هندرسُن: كاتبة أمريكية من مواليد سان فرانسيسكو، ومحاضرة باللغة الإنجليزية في جامعة جورج تاون Georgetown University، وباحثة في تاريخ الفن في كلية كينيون Kenyon College، ومن أهم مؤلفاتها:
Life in the Tar Seeps: A Spiraling Ecology from a Dying Sea
On Marvellous Things Heard
معلومات عن المترجم:
د. رشا صادق: ترجمت عديدًا من الكتب، منها:
من كتبي: اعترافات قارئة عادية.
في البحث عن الزمن: رحلات في بعد مدهش.
من طبخت العشاء الأخير: تاريخ العالم كما ترويه النساء.

