مفهوم القباحة

مفهوم القباحة
تشتق مفردة القبيح من كلمة ugly الإنجليزية بمعنى المخيف أو المُخالف، وتُعد القباحة والجمال كالتوأمين؛ كل منهما متصل بالآخر، إذ يُحدد القبيح عندما يُقارن بالجميل ويتناقض معه، كالطيب مقابل الشرير، والقوي مقابل الضعيف، مما يعجب المشاهدين في القصص الخرافية كالجميلة والوحش، وسندريلا الجميلة وأختيها غير الشقيقتين القبيحتين، وغيرها من الحكايات التي تعكس السياقات الثقافية لمجتمعاتها.
ويشير مفهوم القبح إلى ما يخافه البشر ويخجلون منه، إذ إن تعصب المرء ضد الآخرين يعكس قلقه الداخلي حول نظرتهم إليه، ويرفض البشر القبح بجميع أشكاله لأنه يذكرهم بحيوانيتهم، فبعد ما يزيد على قرن من طرح نظرية تشارلز دارون عن التطور، يرى البشر أن القبح يزيل الحدود بين الإنسان والحيوان ليخرج كائنًا هجينًا يهدد هيئة الإنسان المثالية ويجعله أدنى مرتبة اجتماعية، ومن ثم كسب المشوهون سُمعة سيئة ظاهريًّا وباطنيًّا لأنهم يشبهون البشر بطريقة هجينة.
وفي الواقع لا يوجد مفهوم واحد للقباحة، لأن العوامل المساهمة في تشكيلها عديدة متنوعة، وما تعده إحدى الجماعات شنيعًا معيبًا، تعده أخرى جميلًا مقدسًا، وعبر التاريخ توجد نماذج انتفعت من قباحتها، وحصلت على مرتبة اجتماعية أعلى بصفتها مقدسات دينية أو وسيلة ممتازة للتسلية، كإيسوب المشوه راوي الحكايات، والمخلوقات الهجينة التي تستوطن الأساطير، مثل: (كيناراس || Kinnaras الذي جاء على هيئة نصف حصان، وباستت || Bastet التي جاءت على هيئة قطة، وحابي الذي يظهر جسده معالم الذكورة والأنوثة في آن واحد) وغيرهم.
ومع ذلك حملت القباحة صفات سلبية مع حلول العصور الكلاسيكية، فمنذ نشأة المفهوم الغربي للجمال المثالي في اليونان القديمة، حرص الإغريقيون على اجتناب التشوه والأمراض المدمرة للجمال، واستمر هذا النهج في عصر النهضة، حيث الظلم والعنصرية وسوء الفهم للقبيحين، ومع اختلاف الصفات الجسدية للجماعات القبيحة، فإنها اشتركت في الطريقة التي عوملت بها، والتي كانت بعيدة كل البعد عن التقديس والاحترام.
الفكرة من كتاب التاريخ الثقافي للقباحة
أحيانًا تراودك تساؤلات حول معايير الجمال في المجتمع، وتتساءل “ما الذي يجعل تلك الممثلة مشهورة ومحبوبة من قبل الجماهير على الرغم من ضآلة موهبتها؟ ولماذا هذا العدد الضخم من المشاهدات لمقاطع اليوتيوب الرافعة رايات القبح؟” فهل توجد سمة مشتركة تجمع بين هؤلاء؟
في الواقع نعم، إنه المفهوم المجتمعي للجمال والقبح، الذي تتبدل استعمالاته باختلاف الثقافة والزمان والمكان، ويناقش هذا الكتاب القباحة بصفتها مفهومًا فلسفيًّا يمتد عبر العصور، ويطرح نماذج تاريخية مثلت القباحة، كوحش فرانكشتاين، وموسيقى الجاز، والعمارة الوحشية، وقوانين القباحة التي طُبقت على المشوهين، وجوليا باسترانا || Julia Pastrana التي وُصمت في عصرها بأقبح امرأة في العالم.
مؤلف كتاب التاريخ الثقافي للقباحة
جريتش إي هندرسُن: كاتبة أمريكية من مواليد سان فرانسيسكو، ومحاضرة باللغة الإنجليزية في جامعة جورج تاون Georgetown University، وباحثة في تاريخ الفن في كلية كينيون Kenyon College، ومن أهم مؤلفاتها:
Life in the Tar Seeps: A Spiraling Ecology from a Dying Sea
On Marvellous Things Heard
معلومات عن المترجم:
د. رشا صادق: ترجمت عديدًا من الكتب، منها:
من كتبي: اعترافات قارئة عادية.
في البحث عن الزمن: رحلات في بعد مدهش.
من طبخت العشاء الأخير: تاريخ العالم كما ترويه النساء.





