الخوارزميات تقرر ولا ترشّح!

الخوارزميات تقرر ولا ترشّح!
في عام 1996، قدم “سيرجي برين | Sergey Brin” و”لاري بايج | Larry Page” تطبيقًا مبتكرًا للخوارزميات على الإنترنت من خلال تصميم مقيّم صفحات لمحرك بحث جوجل، كان هذا الخوارزم مسؤولًا عن تقييم الصفحات على الويب وتصنيفها، ليقرر أيًّا منها سيظهر أولًا أمام الباحثين، لتمكّن المستخدمين من الوصول السريع الفعال إلى المعلومات المهمة عبر الشبكة العنكبوتية. تبعت ذلك شركة أمازون، التي طورت قدرات الخوارزميات لتتمكن من توفير تجربة تسوق شخصية مخصصة لكل مستخدم، فعندما يبحث المستخدم عن منتج معين، تعتمد نتائج البحث على بياناته الشخصية وتفضيلاته، بحيث تُصفى النتائج لتناسب تمامًا اهتماماته واحتياجاته، بفضل هذه التطبيقات الخوارزمية، لم يعد الترشيح يعتمد فقط على أفضلية المنتجات، بل أيضًا على ملاءمتها لك ولنمط استهلاكك الفريد.

وببزوغ نجم منصات التواصل الاجتماعي بصعود فيسبوك في عام 2006م، انتقلت الخوارزميات إلى مستوًى آخر، فلا تظهر المنتجات والمنشورات والتغريدات التي تحتاج إليها أو الأحدث، بل ما ترى الخوارزميات أنه يستحق الظهور والوصول حسب بيانات مستخدمي المنصة، لتتحول الخوارزميات من وسيلة مساعدة إلى قائد يحدد لنا الوجهة، وبالطبع ذلك يعبر عن قرارات الشركات الكبرى المالكة للمنصات، التي صممت المعادلات والمتغيرات وأخفتها، بلا أدنى اعتبار لحرية المستخدمين، فما تريده الشركات الآن هو دعم المحتوى المرئي من فيديوهات الريلز، فحتى لو كان ذلك عكس رغبتك بوصفك مستخدمًا، فإن ما سيظهر لك هو فيديوهات الريلز، لأن الشركات تتنافس في ما بينها للحصول على أكبر قدر من الاهتمام، وميتا تحاول اللحاق بالتيك توك في هذا السياق منذ عام 2015م، وما على الجميع إلا محاولة التكيّف مع سياسات المنصات وتعديلاتها، فالذي يريد الوصول إلى المستخدمين والمتابعين سوف يبحث عن طريقة عمل الخوارزميات في دعم المحتوى وسيحاول اتباعها، وبهذه الطريقة تقودنا الخوارزميات ثقافيًّا.
الفكرة من كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
هل يمكن أن تكون ثقافتنا مجرد نتيجة للخوارزميات التي تحكم ما نراه وما لا نراه؟ يعتقد كثيرون أن قوة الخوارزميات تقتصر على العالم الرقمي فقط، لتنتهي تأثيراتها عند ترشيح أمر ما، أو إيصال محتوى منشور إلى أكبر عدد من المستخدمين، ولكن تلك معرفة قاصرة جدًّا عن طبيعة الخوارزميات.
تمتد قوة الخوارزميات لتخترق حدود المنصات الاجتماعية، وتعبث بثقافتنا وتشكلها حسب قوانين جديدة، سنطوف في زوايا ثقافتنا المعاصرة لنتفحص تلك الآثار، ونرى إن كنا نملك القدرة الكاملة للسيطرة على خياراتنا الثقافية أم إننا نُقاد إليها فقط، وهل نحب حقًّا ما نحب، وكيف يبدو عالمنا من وجهة نظر البيانات.
مؤلف كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
كايل تشايكا: هو كاتب موظف في مجلة “ذا نيو يوركر | The New Yorker” يغطي التكنولوجيا والثقافة على الإنترنت، ظهرت أعماله أيضًا في مجلة “ذا نيو ريبابليك | The New Republic”، ومجلة “نيويورك تايمز | New York Times”، و”هاربرز | Harpers”، له كتاب آخر بعنوان:
The Longing for Less: Living with Minimalism
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.