الآلية القانونية لمقاضاة إسرائيل كدولة أمام محكمة العدل الدولية

الآلية القانونية لمقاضاة إسرائيل كدولة أمام محكمة العدل الدولية
تعد محكمة العدل الدولية الهيئة القضائية الرئيسة بالأمم المتحدة، وتتولى الفصل في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم الفتاوى بشأن المسائل القانونية التي تحيلها إليها هيئات الأمم المتحدة. وتشمل ولاية المحكمة المسائل المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات، وكذلك القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، والأصل أن ولايتها اختيارية، بمعنى أن قبول الدول عرض النزاع على المحكمة شرط لتقرير ولاية المحكمة عليها، غير أن هناك نوعًا جبريًّا من ولاية المحكمة قد يتم بتصريح من الدولة الطرف أو بطلب كتابي إلى المحكمة بموجب معاهدات وقعت عليها الدولة الطرف. وبالطبع لا يُتوقع أن إسرائيل ستُودِع لدى المحكمة إعلانًا بقبول ولايتها الجبرية أو ستعقد اتفاقًا مع الفلسطينيين للذهاب إلى المحكمة لفض النزاع، لكن يظل أمام الفلسطينيين حل أخير هو التوجه إلى المحكمة بموجب معاهدات -صدقت عليها كل من فلسطين وإسرائيل- تنص على أنه يجوز لأي من طرفي المنازعة إحالة أي منازعة تتعلق بتفسير تلك المعاهدة أو تطبيقها إلى محكمة العدل الدولية، مثل المادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة.

لكن إسرائيل بارعة في المراوغة -كما هو معلوم- وتحظى بغطاء سياسي من أطراف قادرة على إعادة تشكيل القانون لو أرادت، لذلك لم تُجَر إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية حتى لحظة طباعة الكتاب، إلا أن هذا لا يعني التوقف عن المحاولة، فلا يزال بإمكان الفلسطينيين الحصول على رأي استشاري من المحكمة كما كان الحال في مسألة بناء الجدار العازل في الأراضي المحتلة سنة 1967م إذ أقرت المحكمة عدم شرعيته وكذلك عدم شرعية المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967م، ومن هنا يمكن للفلسطينيين استصدار قرار يدين الأعمال الإسرائيلية في قطاع غزة وما يترتب عليه من تعويضات مدنية وجبر الضرر، وهذه الآراء وإن كانت استشارية فإن لها آثارها التي تظهر جلية في ارتباك الساسة الإسرائيليين عند ذكر المحكمة الجنائية الدولية، ما دفعهم ذات مرة إلى أن يشترطوا على المفاوضين الفلسطينيين عدم الانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية.
الفكرة من كتاب كيف نقاضي إسرائيل؟ المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين
أفادت إحدى الدراسات التي حللت الحروب بين عامي 1900 و2003م عدم وجود أي دليل على أن الدول الموقعة على اتفاقيات القانون الدولي الإنساني قتلت أعدادًا من المدنيين في حروبها أقل من التي قتلتها الدول غير الموقعة، وربما كانت إسرائيل واحدة من الدول التي اختصت بها الدراسة، فقد قتلت في حروبها أعدادًا لا تحصى من الأبرياء وقصفت المستشفيات والملاجئ والمدارس، لكنها لم تعاقب رغم أنها طرف في معظم اتفاقيات القانون الدولي، ما يدفع المرء للتساؤل: هل إسرائيل دولة فوق القانون تفعل ما تشاء دون اكتراث للعواقب؟ هل الخلل في القانون الدولي أم في تطبيقه؟ أم إن القيادة الفلسطينية والعربية لا تريد المضي قدمًا في هذا الطريق تجنبًا لغضب الولايات المتحدة؟ عن هذا وذاك يجيب الكتاب.
مؤلف كتاب كيف نقاضي إسرائيل؟ المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين
د. سعيد طلال الدهشان: مواطن فلسطيني ولد في مدينة غزة عام 1972م، ونال درجة الدكتوراه في حقوق الإنسان من جامعة الجنان بلبنان عام 2016، ودرجة دكتوراه أخرى في القانون الدولي من جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا عام 2019. استُشهد وعائلته على إثر قصف إسرائيلي في أكتوبر 2023م. نشر عدة كتب وأوراق بحثية منها:
التوارث الدولي للمعاهدات في فلسطين في حال زوال “دولة إسرائيل”.