لماذا لا أستطيع أن أنام؟

لماذا لا أستطيع أن أنام؟
تعددت النظريات التي تفسر النوم، وإحدى هذه النظريات تُشير إلى أننا ننام كي نغمض أعيننا عن واقع الحياة بعض الشيء، أي إن النوم وسيلة للهروب من الهموم والمخاوف، لكن بعض الأشخاص يختلف سلوكهم تجاه هذه الهموم والمخاوف، فتسبب لهم الأرق، وهناك عِدَّة أسباب نفسية وأخرى فسيولوجية للأرق، وأهم الأسباب الفسيولوجية وجود آلام مستمرة بالجسم، كالمغص الكلوي، أو أورام داخلية كالسرطان، وهذا يزول لعلاج السبب الذي يبعث على الألم، أما الأسباب النفسية فكثيرة، منها الأحداث اليومية المثيرة، والخلافات التي تقع في العمل، ويُعد القلق من أعظم أسباب الأرق، وهو درب من دروب الخوف، والفرق بين القلق والخوف أن الخوف معروف المصدر، أما القلق فمجهول المصدر، ويوجد قلق طبيعي وقلق شاذ، فعلى سبيل المثال يعد قلق الأم على ابنها، أو قلق الطالب الذي يجهل إن كان ناجحًا أو غير ناجح من إعلان النتيجة قلقًا طبيعيًّا، أما القلق المستمر فيُعد قلقًا شاذًّا، وينتج عن شعور المرء في مرحلة الطفولة بالحرمان وعدم الاطمئنان.

وهناك عِدَّة وسائل تُسهم في التعافي من الأرق، بدءًا من الراحة، إذ ينصح بأخد يوم في الأسبوع للراحة التامة، كما يُنصح بالحمام الساخن المهدئ للأعصاب، وممارسة الهوايات عندما يصيب المرء الأرق، وتناول فيتامين ب المركب، الذي يساعد على النوم وتهدئة الأعصاب، وممارسة الرياضة خصوصًا الأشخاص الذين لا يتحركون بأبدانهم، ويُعد العلاج النفسي من أهم وسائل العلاج، ويقوم جوهره على معرفة المشكلة، التي يواجهها المريض، وتسبب له الأرق، والأفضل أن يكون الإنسان طبيب نفسه، وذلك بأن يصارح نفسه، وأن يحل مشكلاته حلًّا حاسماً حتى لا يقع في صراع واضطراب، إذ يُعد الأرق دليلًا على وجود مشكلة لم يستطع صاحبها حلها ويظل يدور فيها. ينصح أيضًا بعدم تناول دواء مخدر منوم، مثل: “الإفيبان | Evipan”، وتجنُّب النوم في وقت الظهيرة، أو التفكير ليلًا، أو تناول عشاء دسم قبل النوم مباشرة، كما ينبغي الإقلاع عن تناول المنبهات كالقهوة والشاي، خصوصًا في المساء.
الفكرة من كتاب النوم والأرق
النوم فطرة الإنسان، فما له أن يتوهم دوام اليقظة، فهذا من صفات الله -عز وجل- الذي لا شريك له في صفاته، فقد قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، فيجب ألا يتطلع الإنسان إلى التسامي إلى مراتب الألوهية، بل عليه أن يقنع بالفطرة التي فطره الله عليها، ولكن الإنسان كلما أمعن في الحضارة ابتدع ألوانًا من الحياة لا تلائم فطرته، فقد أصبح الناس يسهرون طوال الليل، ثم ينامون معظم النهار، وهو عكس ما أمرنا الله به في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾، وهذا أدى إلى ظهور الأمراض المرتبطة بالنوم، منها مرض الأرق الذي يتناوله هذا الكتاب.
مؤلف كتاب النوم والأرق
أحمد فؤاد الأهواني: فيلسوف مصري، وأحد رواد الفلسفة وعلم النفس في العالم العربي، وُلِد في أكتوبر عام 1908م، وحصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من جامعة القاهرة عام 1929م، وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1942م، كما شغل منصب رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1965م، وله مؤلفات عِدَّة، منها:
معاني الفلسفة.
في عالم الفلسفة.
الكندي: فيلسوف العرب.
فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط.