كيف نكتسب عادات النوم؟

كيف نكتسب عادات النوم؟
يُعد النوم من الحاجات الفسيولوجية التي يطلبها البدن لتحقيق فائدة حيوية، وهذه الحاجة البيولوجية تكتسي على مر الزمن لونًا نفسانيًّا، تتدخل فيه الرغبة والفكر والشعور والعادة، فالنوم يصبح عند الإنسان عادة من العادات فيستغرق في النوم دون أن يشعر، وهذا هو الذي يحصل لمعظم الناس الذين يرتبون لأنفسهم أوقاتًا معينة لنومهم وأخرى ليقظتهم، على سبيل المثال، كان الفيلسوف الألماني “كانط” يستيقظ في الخامسة صباحًا، وفي الساعة العاشرة مساءً تمامًا يلقي عن نفسه أعباء التفكير، ويستلقي في الفراش لينام.

ويتخذ “أدلر” عالم التحليل النفساني وصاحب المدرسة المشهورة المغايرة لمدرسة فرويد من طريقة النوم دليلًا على نفسية النائم، فالشخص السليم ينام ممدد الجسم، ولا يكاد يرقد ويغمض عينيه، حتى يستغرق في النوم، أما الشخص المريض أو الذي يشعر بالخوف يثني جسمه، وتظل القضايا التي يفكر بها تعمل في اللا وعي حتى توقظه بعد ساعة أو ساعتين فقط من النوم، وقد تكون هناك أسباب أخرى لاستمرار اليقظة بعد التهيؤ للنوم، وترجع في الأغلب إلى مشكلات عدة، مثل: الإكثار من شرب القهوة أو الشاي أو التدخين أو تناول العشاء في وقت متأخر والنوم قبل هضمه، أو بسبب انفعالات عنيفة في أثناء النهار.
وينام المرء في اللحظة التي يفقد فيها اهتمامه بالأمور الخارجية، أما إذا ظل مشغول البال، فقد لا يغمض له جفن، وهذا أحد أهم أسباب الأرق، كذلك إذا كنا نهتم بأمر ما، بعثنا ذلك إلى اليقظة في جوف الليل، ودفعنا إلى الاستجابة للمؤثرات الخارجية التي لا يستجيب إليها عادة من لا يحفل بها، وهذا يفسر لماذا تسمع الأم صراخ رضيعها، بينما لا يسمعه الأب، أو لماذا يسمع الطبيب صوت رنين الهاتف، بينما لا تسمعه زوجته، فحالة النائم تشبه حالة اليقظ من جهة الانتباه للمؤثرات الخارجية، فنحن لا ننتبه إلا لما يهمنا حتى ونحن أيقاظ، فإذا قرأ أحدنا كتابًا يعجبه واستغرق في قراءته لم ينتبه للأصوات المحيطة به.
الفكرة من كتاب النوم والأرق
النوم فطرة الإنسان، فما له أن يتوهم دوام اليقظة، فهذا من صفات الله -عز وجل- الذي لا شريك له في صفاته، فقد قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، فيجب ألا يتطلع الإنسان إلى التسامي إلى مراتب الألوهية، بل عليه أن يقنع بالفطرة التي فطره الله عليها، ولكن الإنسان كلما أمعن في الحضارة ابتدع ألوانًا من الحياة لا تلائم فطرته، فقد أصبح الناس يسهرون طوال الليل، ثم ينامون معظم النهار، وهو عكس ما أمرنا الله به في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾، وهذا أدى إلى ظهور الأمراض المرتبطة بالنوم، منها مرض الأرق الذي يتناوله هذا الكتاب.
مؤلف كتاب النوم والأرق
أحمد فؤاد الأهواني: فيلسوف مصري، وأحد رواد الفلسفة وعلم النفس في العالم العربي، وُلِد في أكتوبر عام 1908م، وحصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من جامعة القاهرة عام 1929م، وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1942م، كما شغل منصب رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1965م، وله مؤلفات عِدَّة، منها:
معاني الفلسفة.
في عالم الفلسفة.
الكندي: فيلسوف العرب.
فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط.