شمولية الوعي

شمولية الوعي
لقد تطورت العلوم لدرجة أنه يمكننا تصوير الدماغ بدقة متناهية، ومعرفة المناطق التي تنشط من جراء فعلٍ ما، أو تأثيرٍ خارجي ما، وقد تفسر كثير من الإشارات العصبية جملةً من تصرفاتنا اليومية، بل يمكننا استخدام علوم الأعصاب في تحديد اللحظة التي يتخذ فيها شخص ما قرار التصرف، بل ويمكننا التنبؤ بالخطوة التالية التي قد يتخذها، وقد نستطيع التأثير في قراراته واختياراته، لكننا مع كل ذلك نظل عاجزين عن معرفة السبب وراء إدراكنا واستيعابنا للأشياء بشكل معين، فمهما تحدثنا عن الطول الموجي للضوء، والإشارات العصبية، وحالات الدماغ التي تتغير تارة من جراء مرض ما، أو بتأثير طفيليات تدفعه إلى تغيير سلوكه، وغيرها من الأشياء التي قد تؤثر في الدماغ، فسنظل عاجزين عن معرفة السبب خلف رؤيتنا للون الأحمر على أنه لون أحمر، وهكذا تظل الفجوة قائمة بين ما نصفه على المستوى الفيزيائي المادي، وحالة الوعي التي تدفعنا إلى رؤية الأشياء بصورة معينة.

لذا يبدو من الأنفع التفكير في أن الوعي لا يمكن أن يُعد شيئًا ذا حواف حادة نصل إليه فجأة بمجرد أن يصل المرء إلى قمة الأداء العقلي، وإنما علينا أن نفكر في الوعي بوصفه تجربة شمولية ذاتية مرتبطة بالزمان والمكان، ولا يمكن حصرها في فكرة الحيز المادي أو التجربة الفيزيائية، ومن ثم فإن الوعي من الخصائص الأولية للأشياء قاطبة في هذا الكون، بما في ذلك الذرات، وتُعرف تلك النظرية باسم “شمولية الوعي”، وعلى الرغم من قِدم هذا المصطلح -إذ يرجع إلى القرن السادس عشر الميلادي- فإن كثيرًا من العلماء رأوا أن هذه النظرية لا توافق روح العلم، وأنها أقرب إلى تفسير الأنظمة الدينية والروحية، والبعض الآخر شكك في صحتها لأنها تستند إلى أشياء غامضة وغير مادية.
الفكرة من كتاب الوعي.. دليل موجز للغز الجوهري للعقل
نسير في طرقات الحياة، فنبصر فيها العاقل والمجنون، والذكي والغبي، وكثير من الأضداد التي نميز بها الأشياء بعضها من بعض، وما يترتب على هذا التمييز من أحكام دينية وأخلاقية وعُرفية، لكن أبرز ما نميز به الإنسان من غيره من الكائنات هو قدرته على الوعي والإدراك، لكننا مع تطور الزمان نرى نموذج الروبوت الذي يستطيع ترتيب المعلومات وتطويرها واستيعابها، فهل يمكن أن نطلق على ما لديه كلمة “وعي”؟ فما الوعي؟ وكيف يمكننا إدراكه؟ وما ماهيته؟ وما علاقته بالوهم؟
مؤلف كتاب الوعي.. دليل موجز للغز الجوهري للعقل
آناكا هاريس: كاتبة ومحررة، متخصصة في العلوم العصبية والفيزيائية، حرَّرت كتاب “الكذب” لزوجها “سام هاريس | Sam Harris”، كما شاركت في تأسيس جمعية علمية غير هادفة للربح باسم “بروجكت ريزون | Project Reason”، ومن أبرز مؤلفاتها: “أنا أتساءل” وهو كتاب للأطفال، كما شاركت “سوزان كايزر جرينلاند | Susan Kaiser Greenland” في تأليف كتاب “Mindful games, Activity cards”
معلومات عن المترجم:
أحمد هنداوي: مترجمٌ حاصل على بكالوريوس في العلوم الفيزيائية من جامعة عين شمس عام 1988م، وماجستير العلوم في الفيزياء عام 1992م، ودكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة بنسلفانيا عام 1997م، وهو مؤسس “مؤسسة هنداوي” الخيرية لنشر التعليم والثقافة بين المتحدثين باللغة العربية بالاشتراك مع الدكتورة “نجوى عبد المطلب”، كما أسس شركة “نجوى ليمتد” للتعليم، ويشغل منصب كبير المديرين التنفيذيين بها حاليًّا.