السُّبات الكاذب.. الوعي والسلوك

السُّبات الكاذب.. الوعي والسلوك
إننا في حياتنا اليومية نوعز لفظ الوعي إلى أحد المعاني الثلاثة، إما الانتباه واليقظة، وإما الشعور بالذات وإما القدرة على تأملها، وعليه يكون الوعي هو الإدراك والتمييز، فنرى أنه من البدهي كون الإنسان واعيًا، كذلك من البدهي أن يكون غيره من الكائنات غير واعٍ، فإذا بحثنا قليلًا عن مصدر هذا الجزم، وجدناه يتلاشى. صحيح أننا ندرك بالحدس كوننا متميزين عن غيرنا من الموجودات ومختلفين عنهم، لكننا نعلم جميعًا أن الحدس مُعرض للصواب والخطأ، وحتى نثبت صحة الحدس أو خطأه علينا أن نلجأ إلى العلم، فإذا صح أن نطلق على سلوكنا أنه سلوك واعٍ، فلماذا لا نطلق على سلوك الحيوانات أنه واعٍ؟ هل لدينا دليل على وجود الوعي في العالم الخارجي؟ وماذا لو أن إنسانًا لا يمكنه سلك أي سلوك؟ هل ننزع منه حينئذٍ صفة الوعي؟

اشتهرت حالة يطلق عليها “السُّبات الكاذب”، وهي أن يكون الشخص في كامل وعيه، لكنه مشلول لا تبدر عنه أي حركة، وعُرفت تلك الحالة العصبية من خلال “جان دومينيك بوبي | Jean-Dominique Bauby”، فبعد أن أصابته جلطةٌ دماغية بالشلل، لم يتمكن من استعادة شيء من حركته سوى الرمش بعينه اليسرى، واستطاع من حوله إدراك ذلك، فتمكنوا من اكتشاف نمط معين يعينه على تهجّي الكلمات، ومن ثم ألّف كتابًا من خلال تلك الخاصية، يحكي عن معاناته، واستطاع أن يخبرنا بأنه في كامل وعيه، رغم شلل حركته. فإذا اتخذنا من السلوك دليلًا على الوعي، فإننا نجد كثيرًا من سلوك الحيوانات والنباتات يتشابه مع سلوكنا، إذ تستجيب لمحفزاتٍ كاللمس والضوء والحرارة، وتمتلك ذاكرة قادرةً على تخزين المعلومات واسترجاعها، إذ يتمكن نبات “خنَّاق الذباب” من الشعور بالذبابة، ومن ثم القبض عليها وابتلاعها، هل يبدو هذا السلوك دون وعي؟!
الفكرة من كتاب الوعي.. دليل موجز للغز الجوهري للعقل
نسير في طرقات الحياة، فنبصر فيها العاقل والمجنون، والذكي والغبي، وكثير من الأضداد التي نميز بها الأشياء بعضها من بعض، وما يترتب على هذا التمييز من أحكام دينية وأخلاقية وعُرفية، لكن أبرز ما نميز به الإنسان من غيره من الكائنات هو قدرته على الوعي والإدراك، لكننا مع تطور الزمان نرى نموذج الروبوت الذي يستطيع ترتيب المعلومات وتطويرها واستيعابها، فهل يمكن أن نطلق على ما لديه كلمة “وعي”؟ فما الوعي؟ وكيف يمكننا إدراكه؟ وما ماهيته؟ وما علاقته بالوهم؟
مؤلف كتاب الوعي.. دليل موجز للغز الجوهري للعقل
آناكا هاريس: كاتبة ومحررة، متخصصة في العلوم العصبية والفيزيائية، حرَّرت كتاب “الكذب” لزوجها “سام هاريس | Sam Harris”، كما شاركت في تأسيس جمعية علمية غير هادفة للربح باسم “بروجكت ريزون | Project Reason”، ومن أبرز مؤلفاتها: “أنا أتساءل” وهو كتاب للأطفال، كما شاركت “سوزان كايزر جرينلاند | Susan Kaiser Greenland” في تأليف كتاب “Mindful games, Activity cards”
معلومات عن المترجم:
أحمد هنداوي: مترجمٌ حاصل على بكالوريوس في العلوم الفيزيائية من جامعة عين شمس عام 1988م، وماجستير العلوم في الفيزياء عام 1992م، ودكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة بنسلفانيا عام 1997م، وهو مؤسس “مؤسسة هنداوي” الخيرية لنشر التعليم والثقافة بين المتحدثين باللغة العربية بالاشتراك مع الدكتورة “نجوى عبد المطلب”، كما أسس شركة “نجوى ليمتد” للتعليم، ويشغل منصب كبير المديرين التنفيذيين بها حاليًّا.