امرأة مرفوضة
امرأة مرفوضة
قد تتعلَّق المرأة برجل تعلُّقًا يسيطر على مصيرها فيستقر قلبها بقربه وتشقى ببعده وتعطي بلا مقابل وتتغاضى عن الأخطاء، وتكتم آلامها وتذبذب مشاعرها هبوطًا وصعودًا وتحتار في أمره هل هو مقبل أم مدبر وتحتار في صفاته، وقد كُتب لهذا العشق أن يظل خيالًا لا يلامس أرض الواقع رغم الحب المتبادل من كلا الطرفين.
وهذا الرجل لديه مخاوف الالتزام فقد يهرب بعد أول لقاء، وقد يهرب بعد سنة أو قبل الزواج بأيام قليلة، فالخوف يدفعه إلى تخريب علاقة طويلة جميلة فبمجرد أن تأخذ العلاقة شكلًا ثابتًا ومستقرًّا تظهر عليه الاضطرابات فيبدأ باختلاق الأعذار لابتعاده، فهو يتقلب بين النقيضين، فالبداية جميلة وتشعر المرأة وقتها أنها قابلت أروع إنسان، وهو كذلك والارتباط بينهما قوي ولكن ليس ملزمًا بأي شيء، بل مجرد شعور، فيقبل كلاهما على الآخر، ولكن السؤال ماذا بعد هذا الشعور إلا الزواج؟ وهنا ينتابه الرعب فيراوغ ويبدأ بإعطاء المبررات والرسائل المزدوجة فيقول شيئًا ويفعل آخر، ويبدأ في الانتقاد اللاذع ليبتعد ويستريح وما يلبث إلا وينتابه ألم الفقد والفراق ويدرك عبث ما يفعل وتظل النهاية معلَّقة فتركه بالنسبة إليه موت بطيء.
وهو إنسان مريض بالخوف، وهذا أكثر ما يؤلم المرأة؛ التغيير إلى النقيض من قمة الحب إلى قمة اللامبالاة والابتعاد، ففي تصورها أن الحب قادر على قهر الصعوبات، والحقيقة أن هذا الرجل يشعر بالتمزُّق يصارعه قلق الالتزام والارتباط، فالأمر بالنسبة إليه كالوسواس، وهو رجل منقسم على نفسه وله عقلان، أحدهما يرتبط بالمرأة ويحبها والآخر يختنق بالارتباط، وضحيته امرأة أحبته وهو ضحية نفسه، وقد يكون زواجه ناجحًا بكل المقاييس وهذا يشعره بالتعاسة، وقد يرى بعقله أن ذلك غير صحيح ولكن لا يستطيع السيطرة على مشاعره السلبية، لذا يجب على المرأة الحذر من الوقوع مع رجل لديه عقدة الخوف من الزواج، فهو في البداية رومانسي غير واقعي شاعري ويفعل أي شيء لينال إعجابها واهتمامها وهو في حقيقته لا يفكر إلا في يومه وليس لديه أي خطط بعيدة المدى، فهو يريد أن تصدِّقه فقط وتستجيب، لذا يجب توخِّي الحذر فليس كل إطراء حقيقي!
إن الحب هو أعظم مصدر للأمان، والأمان هو إحدى الطرق التي تقود إلى الحب، ولا سبيل للحفاظ على هذا الحب إلا بجهد كلا الطرفين، فالإنسان يحب نفسه من خلال حب حبيبه له، فالحب الحقيقي يحقق للإنسان إحساسًا بالوجود الحقيقي في الحياة.
الفكرة من كتاب امرأة في محنة
المرأة كالطفل إما أن تعبر عن نفسها على نحو مباشر، وإما أن تكتم مشاعرها وتظهرُ عليها أعراض أخرى كاضطراب النوم أو الطعام أو اختلال السلوك، ومن تلك المواقف الصعبة التي من الممكن أن تواجهها المرأة فقد الشريك أو الطلاق أو الزواج الثاني، وقد تتعرَّض لصدمات في طفولتها فتؤثر في علاقتها بزوجها وأطفالها.
يحاول الكاتب أن يتناول كل تلك القضايا وأثرها في المرأة، فالطب النفسي لا يناقش السلوك الإنساني من منظور أخلاقي قيمي، كما أنه لا يبحث عن المبررات الاجتماعية ليفسر السلوك ولا يقتصر على التأثير المباشر في مشكلات الإنسان المعاصر، بل ينظر إلى سنوات التكوين الأولى ومؤثرات البيئة في مراحل النمو المختلفة والعامل الوراثي، فيتعامل مع كل إنسان كوحدة مستقلة وكيان خاص وقيمة متفردة.
مؤلف كتاب كتاب امرأة في محنة
عادل صادق: طبيب نفسي، ولد عام 1943م بمحافظة القاهرة، وعرف بالتفوق والالتزام وبشخصيته الكاريزمية القيادية، حصل على زمالة الكلية الملكية للأطباء النفسيين بلندن عام 1984م، نال جائزة الدولة في تبسيط العلوم عام 1990م، توفي عام 2004م، من أشهر مؤلفاته: “الألم النفسي والعضوي”، و”سيناريو الحياة” و”حكايات نفسية”.