مشكلات خاصة بالنساء السجينات

مشكلات خاصة بالنساء السجينات
صُممت سجون النساء بالأسلوب نفسه الذي صُممت به سجون الرجال، ومن ثم فُرضت على النساء القواعد واللوائح نفسها التي وُضعت في المقام الأول من أجل الرجال، مثل الحبس الانفرادي ونقص التثقيف وإعادة التأهيل، وقد أدى تطبيقها على النساء إلى نتائج عكسية وخيمة، لأن الفروق النفسية والعقلية بين الجنسين مهمة جدًّا خلف القضبان، فالنساء يعانين صدمات نفسية وعقلية تختلف عن تلك التي يعانيها الرجال قبل دخول السجن، ونتيجة لهذا الاختلاف الجوهري فإن غالبية الأسباب التي تُدان بها النساء ليس لها علاقة بالعنف، على عكس جرائم الرجال التي يرجع أغلبها إلى العنف، ومن ثم تختلف النساء عن الرجال في ردود أفعالهن النفسية ونوعية المشكلات التي يواجهنها في محاولتهن التكيف داخل السجن.

من القيود المفروضة على السجينات داخل السجن نتيجة تطبيق القواعد واللوائح نفسها المطبقة على الرجال، محدودية الأغراض الشخصية التي يمكنهن الاحتفاظ بها، وطول الشعر، وقلة الوقت المخصص للبقاء فيه وحدهن، هذا إلى جانب القوة المفرطة للتحكم فيهن داخل السجن، وتؤدي هذه الأمور وغيرها إلى تفاقم حالتهن النفسية والعقلية. تشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من الرجال خارج السجن، وأن حالتهن تتفاقم داخل السجن لأن أغلب النساء المدانات هن أمهات عائلات، ومن ثم يؤدي انفصالهن عن أطفالهن بدخولهن السجن إلى مكابدتهن آلامًا كبيرة تستنزف قواهن النفسية والعقلية بسبب فقدان أطفالهن وتفكك عائلاتهن.
قبل عام 1964م كان وجود الرجال في سجون النساء قليل جدًّا وتحت إشراف، لكن في أعقاب صدور قانون الحقوق المدنية الأمريكي لعام 1964م وغيره من التشريعات الخاصة بالمساواة بين الرجال والنساء في التوظيف، بدأت نسبة الموظفين الرجال في السجون في الارتفاع، وقد أدى ذلك إلى ظهور مشكلتين غاية في الخطورة على النساء، هما مشكلتا التحرش الجنسي والاغتصاب على أيدي الموظفين الرجال المكلفين بمراقبة الأنشطة اليومية للسجينات والتدخل في عنابر السجن، وتشير الدراسات إلى أن السجينات المصابات بالاكتئاب يمكن أن يؤدي التحرش بهن إلى إصابتهن بحالات اكتئاب خطيرة قد تدفعهن إلى الانتحار، كما لوحظ على كثير من السجينات -بسبب نظام المراقبة الشاملة- إصابتهن بجنون الارتياب بسبب شعورهن بمراقبة الرجال لهن طوال الوقت حتى وهن عاريات أو في المرحاض أو في أثناء الاستحمام. إن هذا الأسلوب الذي يحد كُليًّا من خصوصية النساء داخل السجون يسبب لهن شعورًا بالخزي والمهانة!
الفكرة من كتاب الجنون في غياهب السجون: أزمة الصحة العقلية خلف القضبان ودورنا في مواجهتها
يرى المؤلف أن وظيفة السجون هي الإصلاح، لكن الواقع يقول إن السجون لم تعُد تسعى إلى إصلاح السجناء، كما أنها لا تمنحهم احتياجاتهم الأساسية، ولا تمنح الضعفاء منهم الحماية اللازمة، هذا إلى جانب ما تفرضه السجون من قيود بلا داعٍ وعلى نحو مذل على السجناء العاقلين أو المصابين باضرابات عقلية خفيفة، مما يدفعهم في الغالب إلى الجنون، ويضرب المؤلف أمثلة عديدة على تأثر السجناء سلبيًّا نتيجة الإهمال والقسوة والأخطاء العلاجية من خلال قدرته على دخول السجون بحرية والتواصل مع السجناء دون قيود، ليعرض لنا أنواع الاضطرابات العقلية التي تتولد داخل السجون، والتي تزيدها السجون فيصاب السجين بالجنون.
مؤلف كتاب الجنون في غياهب السجون: أزمة الصحة العقلية خلف القضبان ودورنا في مواجهتها
تيري كوبرز: طبيب نفسي، ويعمل مدرسًا في كلية الدراسات العليا لعلم النفس بمعهد رايت في بيركلي، وهو زميل الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين ورئيس جمعية إيست باي للطب النفسي. من مؤلفاته:
Revisioning men’s lives
solitary: the inside story of supermax isolation and how we can abolish it
معلومات عن المترجمة:
أميرة علي عبد الصادق: مترجمة مصرية، تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس، عملت بعد تخرجها في مجال الترجمة والتعريب، كما عملت مع عدد من دور النشر. من ترجماتها:
الدرجات الست وأسرار الشبكات.
الهندوسية مقدمة قصيرة جدًّا.
السرطان مقدمة قصيرة جدًّا.
الطرق على أبواب السماء.