لماذا يصاب كثير من السجناء باضطرابات عقلية؟ ولماذا تفشل برامج الصحة العقلية في علاجهم؟

لماذا يصاب كثير من السجناء باضطرابات عقلية؟ ولماذا تفشل برامج الصحة العقلية في علاجهم؟
أحد الأسباب الرئيسة لإصابة السجناء بالاضطرابات العقلية هو المواجهة المستمرة لظروف قاسية داخل السجون، مما يؤدي إلى حالات انهيار أو انتحار، بالإضافة إلى ذلك، يسهم ضعف تشخيص الأمراض العقلية وعلاجها في تفاقم الحالات المرضية، مما يزيد من احتمالية تحول الأفراد المصابين بأمراض عقلية إلى مجرمين ونزلاء في السجون، وعند دخولهم السجن لا يهتم أحد في الغالب بحالتهم المرضية، مما يزيد من سوء حالتهم، لذا من الضروري أن نأخذ في الاعتبار حالات السجناء الذين تعرضوا لصدمات نفسية قبل دخولهم السجن، حتى لا يتعرضوا لمزيد من الصدمات داخله.

إن ازدحام السجون بالسجناء تنشأ عنه بالطبع الشجارات والنزاعات الحتمية، كما يفتقر السجناء إلى الخصوصية مما يؤدي إلى صدمات حادة لهم، ومن الأمثلة على انعدام الخصوصية: التفتيش المتكرر والمفاجئ للزنزانات، وقد يشمل التفتيش تجريد السجناء من ملابسهم وفحص الأماكن الحساسة بالجسم، والسجناء الذين يعانون جنون الارتياب أو لديهم نزعة الشعور بالخزي يجدون صعوبة كبيرة في التكيف مع هذا الإجراء الروتيني داخل السجون، بالإضاف إلى مشكلات النظافة الصحية وانخفاض مستويات الأكل النظيف داخل السجون، وسوء التهوية وانعدام التدفئة، كل ذلك يسهم في زيادة الأثر الصادم للحبس، وقدرة السجين على تحمله، بينما على الصورة الأخرى تخبرنا أن جميع السجناء يتحملون مدة عقوبتهم في السجن، وترتفع مستويات نجاحهم في العيش باستقامة بعد خروجهم منه إذا كان السجين يتمتع في أثناء قضاء فترة عقوبته بمساحة مادية كافية وينعم بقدر كافٍ من الخصوصية والنظافة الصحية.
تعود معظم مشكلات السجناء الذين يعانون اضطرابات عقلية إلى انخفاض ميزانية خدمات الصحة العقلية والنفسية في السجون، وندرة الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض النفسية والعقلية، هذا على الرغم من أن معظم موظفي العلاج الطبي والصحة النفسية في السجون يتمتعون بالضمير الحي والمهنية، إلا أنهم غير قادرين على فعل الكثير بسبب القيود المالية والإدارية، وهو ما يدفعهم إلى التركيز على علاج نسبة قليلة من السجناء ممن تمكنوا من تشخيصهم بوصفهم مرضى يحتاجون إلى العلاج، وبسبب الضغط الشديد عليهم، فإن عديدًا منهم يصاب بالإنهاك والإرهاق، مما يجعل بعضهم يتخذ قرارًا بترك مهنتهم في الطب النفسي داخل السجون، أو يصبحون غير مبالين تجاه معاناة السجناء من المشكلات النفسية والعقلية، وبدلًا من الدفاع عن حقوق مرضاهم ضد التصرفات القاسية من موظفي الأمن داخل السجن، يميلون إلى الامتثال لتوجيهاتهم دون تفكير، أو يغضون الطرف عن أي تصرف يعد غير إنساني.
الفكرة من كتاب الجنون في غياهب السجون: أزمة الصحة العقلية خلف القضبان ودورنا في مواجهتها
يرى المؤلف أن وظيفة السجون هي الإصلاح، لكن الواقع يقول إن السجون لم تعُد تسعى إلى إصلاح السجناء، كما أنها لا تمنحهم احتياجاتهم الأساسية، ولا تمنح الضعفاء منهم الحماية اللازمة، هذا إلى جانب ما تفرضه السجون من قيود بلا داعٍ وعلى نحو مذل على السجناء العاقلين أو المصابين باضرابات عقلية خفيفة، مما يدفعهم في الغالب إلى الجنون، ويضرب المؤلف أمثلة عديدة على تأثر السجناء سلبيًّا نتيجة الإهمال والقسوة والأخطاء العلاجية من خلال قدرته على دخول السجون بحرية والتواصل مع السجناء دون قيود، ليعرض لنا أنواع الاضطرابات العقلية التي تتولد داخل السجون، والتي تزيدها السجون فيصاب السجين بالجنون.
مؤلف كتاب الجنون في غياهب السجون: أزمة الصحة العقلية خلف القضبان ودورنا في مواجهتها
تيري كوبرز: طبيب نفسي، ويعمل مدرسًا في كلية الدراسات العليا لعلم النفس بمعهد رايت في بيركلي، وهو زميل الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين ورئيس جمعية إيست باي للطب النفسي. من مؤلفاته:
Revisioning men’s lives
solitary: the inside story of supermax isolation and how we can abolish it
معلومات عن المترجمة:
أميرة علي عبد الصادق: مترجمة مصرية، تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس، عملت بعد تخرجها في مجال الترجمة والتعريب، كما عملت مع عدد من دور النشر. من ترجماتها:
الدرجات الست وأسرار الشبكات.
الهندوسية مقدمة قصيرة جدًّا.
السرطان مقدمة قصيرة جدًّا.
الطرق على أبواب السماء.