أبناء النرجسي

أبناء النرجسي
يوجد سلوكان متناقضان قد يمارسهما الوالد النرجسي مع الطفل، ويترتب على ذلك أن يصبح الطفل ابنًا ذهبيًّا أو كبش فداء، وفي حالة الابن الذهبي يشعر الأب النرجسي أن ابنه امتداد له وولي عهده، فيعامله معاملة خاصة ويقدره دائمًا، بينما يعامل كبش الفداء بإهمال ويكون هو المَلوم دائمًا، مما يؤدي إلى شعوره بالإرباك وعدم الاهتمام.

وعندما تكون كبش فداء للأب النرجسي، فأنت عادةً الشخص الأكثر تعاطفًا وحساسية في الأسرة، فيبدي الأب النرجسي عدم ارتياحه عندما تتحدث، وتكون محط انتقاداته المستمرة وتوجيهاته اللاذعة، حتى قد يصل إلى درجة إهانتك أمام الآخرين. ومن المعلوم أن الآباء الطبيعيين غير المضطربين يشعرون بالفخر بإنجازات أبنائهم، لكن إذا كنت تعيش تحت سيطرة أب نرجسي، فقد يتجاهل إنجازاتك ويقلل من قيمتها، ففكرة أنك قادر على النجاح تتناقض مع روايته الكاملة عن عدم كفاءتك وأنك مصدر الأخطاء والمشكلات.
كما يستخدم الأب النرجسي أحد أساليب التلاعب النفسي المعروف باسم «إضاءة الغاز – gaslight» مع ابنه في حالة كان كبش الفداء، وفيه يعمل الوالد النرجسي على تشويه نظرة الطفل إلى ذاته، عن طريق التقليل من مهاراته ومواهبه، وإشعاره أنه غير مؤهل ولا يمتلك الكثير ليقدمه. ومع مرور الوقت، قد يفقد الطفل -كبش الفداء- الأمل في تحقيق أي شيء، وهو أمرٌ ينبغي أن يكون مؤسفًا، لأن حياته تتحول إلى سلسلة من الإحباطات بدلًا من الثناء والتقدير، مما يؤدي إلى فقدان احترام الذات والثقة بالنفس، وقد يتطور الأمر إلى اضطراب شخصية مستمر.
الفكرة من كتاب ماذا بعد النرجسي؟ كيف توقفهم عن استغلالك وتسترد حياتك؟
ربما هذه هي المرة الأولى التي تقرأ فيها عن اضطراب الشخصية النرجسية وقد لا تكون ملمًّا به، لذلك أقدم إليك في البداية بعض صفات الشخصية النرجسية، تتضمن المعايير الأساسية لاضطراب الشخصية النرجسية ما يلي: الشعور بأهمية خاصة، والانشغال بأوهام النجاح غير المسبوق، واعتقاد الشخص بأنه مميز فريد، والرغبة في أن يكون موضع إعجاب، والشعور بالاستحقاق، وفقدان التعاطف تجاه الآخرين، والسلوك المتعجرف المتكبر، واستغلال العلاقات لتحقيق المصالح الشخصية.
ومن المهم هنا أن تدرك أن النرجسية ليست مرضًا يمكن علاجه بالأدوية، بل هي اضطراب دائم في الشخصية، ومن المهم أيضًا أن تكون على علم بأنه يصعب تغيير الشخصية النرجسية.
إذا كنت متورطًا في علاقة مع شخص يظهر سلوكيات نرجسية فستكتشف ذلك من خلال هذا الكتاب الذي يلقي الضوء على اضطراب الشخصية النرجسية، لتحمي نفسك من استغلالها، وتضع حدودًا صحية للتعامل معها.
مؤلف كتاب ماذا بعد النرجسي؟ كيف توقفهم عن استغلالك وتسترد حياتك؟
د. ماجدة أحمد: استشارية نفسية وأسرية في العلاقات واضطرابات الشخصية ومدربة تطوير ذات، تخرجت في جامعة عين شمس، وحصلت على الدكتوراه في فلسفة العلوم، كما حصلت على تدريب معتمد في علم النفس الإيجابي، وبرنامج تدريبي شامل في تعديل السلوك والصحة النفسية، وشهادة مدرب علاقات مُعتمد من جامعة عين شمس، ونُشِر لها عمل آخر بعنوان:
تجربة مع نرجسي: من الإغواء للتعافي.