الضحايا المثاليون للنرجسي

الضحايا المثاليون للنرجسي
يسهُل على النرجسي اختيار ضحاياه بعناية، فهو يختار أشخاصًا طيبين متعاطفين مضحين، نشؤوا ضحايا لوالد نرجسي، مما يجعل لديهم ألفة لهذا الدور، ويسهل السيطرة عليهم وجعلهم الضحايا المثاليين.

فعادةً ما ينشأ هذا النوع من العلاقات نتيجة للعلاقة الأساسية مع الوالدين النرجسيين، فيتخذ الأبناء أحد الاتجاهين: إما يعتقدون أنهم قادرون على تصحيح علاقتهم الوالدية من خلال العلاقات مع البالغين، وإما ينشئون علاقة تعيد إحياء ديناميكية طفولتهم مع أحد الوالدين.
والنوع الأول يشمل الأفراد الذين لم يتعرضوا للإيذاء أطفالًا لكن كان والدهم نرجسيًّا، فيحاولون عادةً إصلاح العلاقة الوالدية من خلال العلاقات مع البالغين، وهذا ما يُعرف بـ«التكرار»، أما النوع الثاني فيشمل الأفراد الذين تعرضوا للإيذاء أطفالًا أو لم يكن لديهم نموذج لعلاقة صحية أو محبة.
ومن المهم فَهمُ هذه الديناميات لتجنب الشعور بالارتباك، فنحن غالبًا ما نتصرف بالطريقة نفسها التي نشأنا بها عند مواجهة تحديات الحياة، إذ يسعى الإنسان دائمًا إلى علاج تجربته السابقة، وهذا هو طرف الخيط الذي يشده النرجسي، فيمارس النرجسي عملية «غسيل الدماغ» بشكل مدروس على ضحاياه، مما يجعلهم عاجزين تمامًا، إذ يسيطر على حياتهم ويجعلهم يعتمدون عليه بالكامل، ويمنعهم اتخاذ أي قرار دون موافقته أو توجيهاته.
وفي النهاية تصبح الضحية شبحًا منسيًّا، عاجزة تمامًا، وتفقد توازنها وشخصيتها، وتصبح مرهونة بالكامل لإرضاء النرجسي، وتعيش في جحيم لا يُطاق، إذ يُنتزع كل شيء منها تدريجيًّا، وتفقد ثقتها بنفسها.
الفكرة من كتاب ماذا بعد النرجسي؟ كيف توقفهم عن استغلالك وتسترد حياتك؟
ربما هذه هي المرة الأولى التي تقرأ فيها عن اضطراب الشخصية النرجسية وقد لا تكون ملمًّا به، لذلك أقدم إليك في البداية بعض صفات الشخصية النرجسية، تتضمن المعايير الأساسية لاضطراب الشخصية النرجسية ما يلي: الشعور بأهمية خاصة، والانشغال بأوهام النجاح غير المسبوق، واعتقاد الشخص بأنه مميز فريد، والرغبة في أن يكون موضع إعجاب، والشعور بالاستحقاق، وفقدان التعاطف تجاه الآخرين، والسلوك المتعجرف المتكبر، واستغلال العلاقات لتحقيق المصالح الشخصية.
ومن المهم هنا أن تدرك أن النرجسية ليست مرضًا يمكن علاجه بالأدوية، بل هي اضطراب دائم في الشخصية، ومن المهم أيضًا أن تكون على علم بأنه يصعب تغيير الشخصية النرجسية.
إذا كنت متورطًا في علاقة مع شخص يظهر سلوكيات نرجسية فستكتشف ذلك من خلال هذا الكتاب الذي يلقي الضوء على اضطراب الشخصية النرجسية، لتحمي نفسك من استغلالها، وتضع حدودًا صحية للتعامل معها.
مؤلف كتاب ماذا بعد النرجسي؟ كيف توقفهم عن استغلالك وتسترد حياتك؟
د. ماجدة أحمد: استشارية نفسية وأسرية في العلاقات واضطرابات الشخصية ومدربة تطوير ذات، تخرجت في جامعة عين شمس، وحصلت على الدكتوراه في فلسفة العلوم، كما حصلت على تدريب معتمد في علم النفس الإيجابي، وبرنامج تدريبي شامل في تعديل السلوك والصحة النفسية، وشهادة مدرب علاقات مُعتمد من جامعة عين شمس، ونُشِر لها عمل آخر بعنوان:
تجربة مع نرجسي: من الإغواء للتعافي.