هوليوود.. القوة الناعمة السوداء

هوليوود.. القوة الناعمة السوداء
تقع هوليوود في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، اختيرت مصنعًا لإنتاج الأفلام الامريكية عام ١٨٨٧م، ويرجع تاريخ سيطرة هوليوود على العالم إلى عام ١٩١٥م، حين عرضت فيلم «ولادة أمة»، الذي صُنِّف فيلمًا عرقيًّا عنيفًا، وفي عشرينيات القرن الماضي أصبحت هوليوود رائدة في القطاع الصناعي، بعد أن تحولت السينما الأمريكية إلى صناعة ضخمة، تنافس صناعة السيارات والبترول، فخصص لها الكونغرس ميزانية سنوية، حتى بلغت قيمة الاستثمارات في قطاع السينما مليارًا ونصف مليار دولار، وتحولت شركات الإنتاج الصغيرة إلى شركات ضخمة، تخصص ميزانيات ضخمة لإنتاج الأفلام، مثل فيلم: «ستار وور | Star War»، و«سوبر مان | Super Man»

وعندما دخلت التكنولوجيا والتقنيات الثلاثية الأبعاد مجال صناعة السينما، أنتجت هوليوود أفلامًا عالية المستوى، فأصبحت أكبر ناشر للرموز البصرية، واستحوذت على ٨٠% من إجمالي الأفلام التي تُعرَض عالميًّا، ثم بدأت أفلام هوليوود تركز على نشر القيم الأمريكية الاجتماعية والسياسية والعسكرية، كالفردية والحرية والقيم الاستهلاكية، مما جعلها تلعب دورًا هامًّا في التأثير بالرأي العام العالمي، ومنذ ذلك الحين تحولت أفلام هوليوود إلى أسلحة أمريكية، موجهة لاختراق الآخر ثقافيًّا وسياسيًّا.
وعلى مر السنين اكتسبت أفلام هوليوود قدرات عظيمة في التواصل مع المشاهد، والتأثير في أفكاره وأحلامه وسلوكياته، مثلما فعلت أفلام رعاة البقر، وسلسلة أفلام رامبو، التي تتحدث عن الأبطال الخارقين الذين يحققون العدالة بطرق فردية، بالإضافة إلى الأفلام التي تعيد تصوير تاريخ الثقافات والحضارات، حتى تعيد تشكيل الحاضر، فتنشر صورة أمريكا، أرض اليوتوبيا، حيث الديمقراطية والعدالة والرفاهية، وتشيطن الثقافات الأخرى، ويظهر ذلك من خلال أفلام المافيا والإرهاب الإسلامي، التي تُشَوِّه صورة روسيا وكوريا الشمالية، وتظهر العرب متطرفين وإرهابيين، يسيئون معاملة النساء، وينهمكون في الملذات.
وهناك أيضًا أفلام الحروب التي تهدف إلى التلميع والتجنيد والتغطية والترويج للحرب، فمنذ أوائل القرن العشرين، أصبح البنتاغون يتدخل في استوديوهات هوليوود، فيؤمِّن للأفلام المعدات الحربية اللازمة، مقابل أن تُظهِر تلك الأفلام صورة أمريكا، وتظهر شجاعة الجيش وقوته، فتجذب الشباب للتجنيد، وتوجه الشعب نحو تأييد قرار الحرب، كما تتدخل وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA في أفلام هوليوود، لتبرير سياسات أمريكا الخارجية، والتغطية على أفعالها.
الفكرة من كتاب إيران وهوليوود: القوة الناعمة لصناعة صورة الآخر
بدأ الصراع الأمريكي الإيراني منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩م، التي أطاحت بالشاه مُحمَّد رِضَا بَهْلَوِي، حليف أمريكا وحامي مصالحها النفطية في الشرق الأوسط، فعدت أمريكا إيران عدوًّا لها، وتهديدًا لمصالحها الاقتصادية في المنطقة، ثم صنفتها دولة إرهابية، بسبب امتلاكها برنامجًا نوويًّا، ودعمها لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وبعد أن فشلت سياسات الاحتواء والعقوبات الاقتصادية، التي طبقتها أمريكا على إيران، أصبح الخيار الوحيد أمامها هو تغيير شخصية النظام بطرق غير عسكرية، من خلال استخدام أدوات القوة الناعمة.
يتناول هذا الكتاب دراسة أدوات القوة الناعمة الأمريكية تجاه إيران، خصوصًا أفلام هوليوود، التي ركزت على تصوير المجتمع الإيراني في ظل نظام الحكم الإسلامي، كما يناقش العلاقة بين نظرية الإمبريالية الثقافية وشعور أمريكا بالتفوق العرقي، الذي يجعلها تؤمن بأحقيتها في الهيمنة على ثقافات الآخرين، كما يقدم تحليلًا مفصلًا لبعض نماذج أفلام هوليوود عن إيران.
مؤلف كتاب إيران وهوليوود: القوة الناعمة لصناعة صورة الآخر
د. حوراء حوماني: كاتبة لبنانية، وأستاذة جامعية في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية، وباحثة في مجال الإعلام والاتصال، حصلت على درجة الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال من المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة اللبنانية، وعملت إعلامية في قناة المنار، وصحفية لعدد من الصحف اللبنانية، آخرها جريدة الأخبار، كما أنها عضوة في الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الاتصال «AARCS»