إدمان عاطفي

إدمان عاطفي
كان يبدو على «كاثي» الثقة بالنفس عندما جلست لأول مرة أمام الطبيب النفسي، لقد خططت لحياتها بدقة؛ تتخرج في الكلية، وتستكمل دراساتها العليا ثم تحصل على الوظيفة المناسبة وتبدأ بالتفكير في الزواج، تمكنت كاثي من تحقيق الأهداف الثلاثة الأولى، وعندما بدأت بالتفكير في شريك المستقبل اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي، ولم يمر وقت طويل على رحلة علاجها المؤلمة التي ختمت بالشفاء، حتى أخبرها الأطباء باكتشاف ورم ثانٍ يتطلب إعادة الكرّة مع العلاج الكيميائي من جديد، لقد زارت كاثي الطبيب النفسي لأنها لم تكن واثقة -للمرة الأولى- بقدرتها على المقاومة، وساعدها الطبيب على استدعاء عزيمتها ثانيةً فصمدت أمام رحلة العلاج.

ثم حان موعد هدف كاثي الأخير من الخطة وهو التفكير بالزواج، فتعرفت كاثي برجل يدعى «ريتش» وكان في ظنها الرجل المناسب لكل تطلعاتها، استمرت العلاقة عدة أشهر بشكل جيد، إلى أن فاجأها ريتش بدعوة في مكان هادئ وأظهر رغبته في الانفصال، لأنه وبرغم اهتمامه بها في فترة مرضها، لم تتغير مشاعره تجاهها من الاهتمام إلى الحب.
انهارت كاثي نفسيًّا ولم تعد تفكر إلا في أسباب الانفصال، وكان رفضها لمبررات ريتش سببًا في تأخير تعافيها من انكسار قلبها، فلم تصدق أن ما قدمه ريتش من أسباب يعادل ما شعرت به من آلام، وافترضت أن حدثًا وقع في لقائهما الأخير دفع ريتش لطلب الانفصال، وسرعان ما بدت عليها أعراض متلازمة «اضطراب الفقد المعقّد | Persistent Complex Bereavement Disorder» أو متلازمة الحزن الشديد التي تمنع المرء من عيش حياته بشكل طبيعي بعد فترة طويلة من فقدان شخص مقرب منه، وتصاحب المتلازمة عادة أفكار سلبية مثل لوم الذات ونقدها، فظلت كاثي تعاقب نفسها بالبحث عن خطأ ارتكبته جعل ريتش يبتعد عنها فجأة.
وفي حقيقة الأمر كانت كاثي تتشبث بذكرى تلك اللحظات السعيدة التي فقدتها، في ما يشبه أعراض الانسحاب التي يعانيها مدمنو المخدرات، ولكي تتعافى كاثي كان عليها السيطرة على شوقها لتلك الذكرى لتخرج من دائرة أعراض الانسحاب، ولتتمكن من ذلك نصحها الطبيب بالتمرن على التأمل الذهني، وهو وسيلة تضمن التركيز على تفاصيل اللحظة الحاضرة التي تعيشها دون استدعاء الماضي أو القلق بشأن المستقبل، وقد فاجأت كاثي طبيبها باستعادتها الإصرار القديم الذي واجهت به السرطان، فأخبرته بعد خمسة أسابيع من التدريب على التأمل الذهني بأن حالتها النفسية تحسنت كثيرًا عن الأسابيع السابقة.
الفكرة من كتاب كيف تصلح قلبًا مكسورًا
عادة ما يُتعامل باستهانة مع حالات انكسار القلب، بخلاف ردود الأفعال على حالات الألم الجسدي الظاهر، وبإدراكنا لذلك سنرفق بقلوبنا أكثر لأننا أفضل من يعلم شدة هذا الألم غير المرئي. في هذا الكتاب سنتعلم كيف نصلح قلبًا مكسورًا، من خلال قصص مجموعة من المتعافين من حالات انكسار القلب، بعضها نتج عن خسارة الأحباء وبعضها الآخر سببه فقد الحيوان الأليف الذي كان بمنزلة أفضل صديق، وأحيانًا كان انكسار القلب نتيجة فقد الثقة بالنفس، وفي قصصهم ستتكشف لنا المشكلات التي قد تتشابه مع قصة أحدنا وسنتعرف الأخطاء التي وقعوا بها وكيف وجدوا الطريق الصحيح لالتئام قلوبهم.
مؤلف كتاب كيف تصلح قلبًا مكسورًا
غاي وينش: طبيب نفسي وكاتب أمريكي، حصل على درجة الدكتوراه في تخصص علم النفس الإكلينيكي من جامعة نيويورك، وأكمل زمالة ما بعد الدكتوراه في تخصص العلاج الأسري والزواجي، وهو متحدث بارز في منصة TED، إذ حصد خطابه الشهير بعنوان: “We All Need to Practice Emotional First Aid” ملايين المشاهدات، وتُرجِمت كتبه إلى 23 لغة، ومن مؤلفاته المنشورة:
الإسعافات الأولية العاطفية: استراتيجيات عملية لمعالجة الفشل والرفض والشعور بالذنب وغيرها من الجروح النفسية اليومية.
The Squeaky Wheel: Complaining the Right Way to Get Results, Improve Your Relationships, and Enhance Self-Esteem
الانتهاكات الخلاقة: كيف تستعيد وهج النشاط والمتعة في حياتك الشخصية والعملية.
نجاحك في صباحك.