أخلاقيات الصحافة الإلكترونية

أخلاقيات الصحافة الإلكترونية
لا تقتصر مهمة الصحافة على نقل الخبر فقط، بل تلعب دورًا أساسيًّا في تشكيل الوعي الجماعي وتوجيه الرأي العام، لذا تمثل أخلاقيات الصحافة الركيزة التي يقوم عليها العمل الصحفي، وتتمثل في: الالتزام بالموضوعية والقيم التحريرية والمسؤولية الاجتماعية. وتقوم الموضوعية على تقديم الأخبار وتحليلها بشكل محايد متوازن دون تحيز أو تجاهل لوقائع وآراء معينة، مع التزام مبدأ “فصل الخبر عن الرأي | Not Editorializing” لمساعدة الجمهور على تكوين رأيه الخاص، وترتكز الموضوعية على “قاعدة الإسناد والاقتباس | Citation and Quotation”، وهي أساس النزاهة والمصداقية، والإسناد هو الإشارة إلى المصادر التي استعان بها الصحفي في كتابة الأبحاث والتقارير، أما الاقتباس فيعني النقل الحرفي لجزء من النص أو الكلام، ويلزم عند الاقتباس الدقة في نقل النص، وتمييزه بوضعه داخل علامتي تنصيص، مع ذكر المصدر للتأكيد على احترام حقوق الملكية الفكرية.

تعتمد الموضوعية أيضًا على قاعدة عدم استخدام المصادر المجهولة، فالمصادر المجهولة قد تضر بمصداقية الخبر، لكن في بعض الأحيان يضطر الصحفي إلى استخدامها لكونها الوسيلة الوحيدة للحصول على المعلومات، وقد يلجأ إلى إخفاء المصدر لحمايته من الخطر عند تغطية قضية حساسة، وأحيانًا لرغبته في الحصول على السبق الصحفي، لكن في كل الأحوال ينبغي للصحفي عدم الاعتماد على المصادر المجهولة تهربًا من المسؤولية، كما ينبغي له التحقق من المصدر كيلا يتعرض للتضليل أو الاستغلال. أما القيم التحريرية فتقوم على تعدد المصادر التي يعتمد عليها الصحفي في جمع المعلومات والأخبار، بشرط أن يحترم خصوصية الآخرين، ويمتنع عن نشر أسماء الأشخاص في الموضوعات الحساسة، خصوصًا الأطفال، كذلك أن يتجنب انتحال شخصيات أخرى، أو اللجوء إلى أساليب ماكرة غير مشروعة للحصول على المعلومات، وتتضمن القيم التحريرية أيضًا استخدام أسلوب الاستقصاء والتحقيق، وهو جمع المعلومات من مصادر موثوقة، والتحري العميق عنها، والربط بين الأحداث لتفسير الوقائع وتقديم صورة كاملة للقضية.
أخيرًا مبدأ المسؤولية الاجتماعية للصحافة، الذي يفرض على الصحافة عدم إساءة استغلال حريتها وسلطتها في الإضرار بالمجتمع، كما يفرض على الصحفي مسؤولية فهم مهنته وأنظمتها، وأن يلتزم التشريعات الإعلامية كي يحافظ على سمعة المهنة، ويسهم في تطوير ميدان الصحافة، وقد أُثيرَت مخاوف تجاه استغلال مبدأ المسؤولية الاجتماعية في تقييد حرية الإعلام والصحافة، لكن الحل يكمن في إعطاء الحق لوسائل الإعلام في تقديم تغطية متنوعة حرة للأحداث، بشرط أن يلتزم الصحفيون الحيادية والموضوعية.
الفكرة من كتاب الأخبار في عصر الآلة: كيف يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل الصحافة الإلكترونية؟
تعود بداية ظهور الصحافة الإلكترونية إلى أواخر الثمانينيات، بعد تطوير الشبكة العالمية WWW، ومع دخول الألفية الجديدة توجهت الصحف نحو الويب لنشر محتواها، ثم شهدت تغييرات جذرية مع ظهور المواقع الإخبارية على الإنترنت، ودخول الصحافة والإعلام عالم وسائل التواصل الاجتماعي. أدى هذا التطور الهائل إلى انتشار المعلومات بسرعة هائلة، وحصول القراء على الأخبار والتحديثات المستمرة في أي زمانٍ ومكان، كما أصبح في مقدورهم التفاعل مع المحتوى الصحفي من خلال التعليقات والمشاركة، وتبادل النقاشات والآراء مع الآخرين، وقد صاحب ذلك التطور ظهور عديد من التحديات، كانتهاك الخصوصية، وانتشار المعلومات الزائفة، والهيمنة الثقافية، والفقاعات المعلوماتية.
لذا يناقش الكتاب هذه التحديات، ويحاول إيجاد حلول مناسبة لها، كما يتناول أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجال الصحافة، خصوصًا عند جمع البيانات وتحليلها، كما يتطرق إلى أخلاقيات مهنة الصحافة وأهميتها في العصر الرقمي الذي نعيشه الآن.
مؤلف كتاب الأخبار في عصر الآلة: كيف يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل الصحافة الإلكترونية؟
الدكتور خَالِد مُحمَّد غَازِي: حصل على الدكتوراه في الإعلام عام ٢٠٠٩، وهو كاتب وصحفي مصري، ورئيس تحرير وكالة الصحافة العربية، ورئيس تحرير جريدة صوت البلد الأسبوعية المستقلة، وحاصل على جائزة الدولة للإبداع عام 1996، من مؤلفاته:
صناعة الكذب: كيف نفهم الإعلام البديل.
ما بعد العولمة، صناعة الإعلام وتحول السلطة.
عقول خفية.. استراتيجيات الإعلام والحرب النفسية.