كيف يمكن للقراءة أن تكون علاجًا فعالًا؟
كيف يمكن للقراءة أن تكون علاجًا فعالًا؟
إن العلاج بالقراءة مصطلح حديث ضمن الاتجاهات العصرية التي سمعنا بها ولم يكن لها وجود في القدم، فكما سمعنا عن العلاج بالطاقة، والعلاج بالموسيقى والترفيه، فهناك أيضًا أساليب للعلاج بالقراءة ويعرف بمصطلح “الببليوثيرابيا”، وتكمن أهميته في تعديل السلوك والميول الخاطئة إلى سلوك سليم، فالعلاج بها يمكنه أن يساعد على الارتقاء بالشخص وتهذيب سلوكه، ويتم ذلك من خلال تزويده بالمعلومات الكفيلة في تقويم السلوك الخاطئ وتغيير التفكير، وأثبتت هذه الطريق فاعليتها عندما جُرِّبت على بعض السجناء الذين تم إمدادهم بكتب تطوير الذات وغيرها، ومن أول الممارسين للعلاج بالقراءة هي الأمريكية “ساي ديلاني”، وذلك عام ١٩٣٨ وقد عرفته بأنه “علاج المريض من خلال قراءات مختارة”.
وقد عرف العرب منذ القدم هذا العلاج، ولكنهم لم يضعوا له الاسم، فالمتتبِّع للتراث العربي الإسلامي يجد بعض الإشارات عبر طرح بعض الحلول التطبيقية لصناعة مجتمع يقرأ، تدور حول هذا المعنى، وربما تحمل في طياتها الكثير من المعاني التي تفوق هذا المعنى بدايةً من القرآن الكريم وقوله تعالى ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، فهو كتاب هداية لجميع الناس، وهو أول كتاب يستحق أن يُقرأ.
كما أن النصوص القديمة ونصوص الأدب العربي تحتوي على الكثير من المعاني مثل قول علي بن أبي طالب “نِعمَ المحدِّث الكتاب”، وقول الجاحظ: “نِعمَ الذُّخْر والعُقدة، ونعم الأنيس ساعة الوحدة، ونعم القرين والدخيل، والوزير والنزيل، والكتاب وعاء مُليء علمًا، وَظَرفٌ حُشِي ظُرْفًا، إن شئتَ كان أبيَنَ من سحبان وائل، وإن شئت كان أعيا مِن باقل، إن شئت ضحكتَ مِن نوادرِه، وعجبتَ مِن غرائب فوائده..”، فالتراث العربي مليء لأكثر من هذا للناظر فيه، وبعد فلنعالج أنفسنا ومجتمعاتنا بالقراءة.
الفكرة من كتاب العلاج بالقراءة: كيف نصنع مجتمعًا قارئًا
لا يمكن أن تقام حضارة عظيمة دون العلم والمعرفة، والكتاب ما هو إلا الوعاء الذي يحتوي هذه المعرفة، ومن أجل خلق مجتمع حضاري متقدم تكون القراءة إحدى صوره الحضارية، ويأتي هذا الكتاب متناولًا بأفكاره التطبيقية الترويج لعادة القراءة على المستوى المجتمعي وليس الفردي فقط، والمستوى العام قبل الخاص، ينطلق لمعالجة ظاهرة ضعف الإقبال على الكتاب ويناقشها ويفنِّد أسبابها ويعالجها، بدايةً من دور الأسرة والمدرسة حتى مسؤولية الدولة في ذلك عبر طرح بعض الحلول التطبيقية لصناعة مجتمع يقرأ، ويمد يد العون والمساعدة لمن يريد أن يجعل من القراءة عادة ترتقي بها حياته وفكره.
مؤلف كتاب العلاج بالقراءة: كيف نصنع مجتمعًا قارئًا
حسن عبد العلي آل حمادة: كاتب سعودي من مواليد 1973، حصل على شهادة البكالوريوس في المكتبات والمعلومات من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، شغل منصب رئيس مجلة “القرآن نور”، وعضو هيئة تحرير مجلة “الكلمة”، له العديد من الكتب والمقالات والحوارات والدراسات في صحف مختلفة، كما حاز جائزة القطيف للإنجاز في فرع الفكر والثقافة، وله حلقات عدة في برنامج “وما يسطرون”.
ومن مؤلفاته: “يسألونك عن الكتاب” و”مستقبل الثقافة الإسلامية في ظل ثورة المعلومات وتحديات العولمة”، و”أمة اقرأ لا تقرأ”.